اتخذت السلطات التونسية إجراءات أمنية جريئة مع حلول موسم العطل لاستعادة ثقة السياح الأجانب وهو القطاع الذي تعتمد عليه في مدخولها القومي السنوي بدرجة كبيرة وذلك منذ الحادثة المأساوية التي تعرضت لها مدينة سوسة السياحية السنة الماضية والتي ذهب ضحيتها 38 سائحا من جنسيات مختلفة، كما تسعى للإبقاء على الحبيب الصيد رئيسا للحكومة المقبلة دعما لأمن واستقرار تونس.
فقد وضعت بوابات الكترونية لكشف المعادن بالفنادق والمطارات لضمان أمن السياح ومرتادي هذه الأماكن من أي اعتداء إرهابي محتمل بالإضافة إلى تكثيف رجال الأمن الساهرين على توقيف أي مشتبه فيه وهي إجراءات وتدابير أمنية احترازية ووقائية بغية ضمان نجاح الموسم السياحي وإعادة مكانته السابقة بإعادة ثقة السياح.
وهذا ما أكده مدير المبيعات بفندق “روايال” أنيس السويسي “بمنطقة “ياسمين الحمامات” في شمال شرق البلاد إلى الجنوب من العاصمة، حيث قال “منذ هجوم سوسة أنفقنا كثيرا على الأمن، (..) في السابق كنا نبيع الشمس والبحر فقط، أما اليوم فأصبحنا نبيع الشمس والبحر والأمن (..) الأمن أصبح عنصرا مهما لبيع الخدمات السياحية.
وفي 26 جوان من السنة الماضية 2015 قتل التونسي سيف الدين الرزقي (23 عاما) برشاش كلاشنيكوف 38 سائحا بينهم 30 بريطانيا بفندق “امبريال مرحبا” في سوسة، في اعتداء تبناه تنظيم “داعش” الإرهابي.
وقد حصل ذلك الهجوم والبلاد لا تزال تتعافى من اعتداء استهدف في 18 مارس 2015 متحف باردو وسط العاصمة تونس، أسفر عن مقتل شرطي تونسي و21 سائحا أجنبيا، وتبناه التنظيم نفسه.
وألحق الاعتداءان أضرارا بالغة بالسياحة، أحد أعمدة الاقتصاد التونسي، إذ تراجعت إيراداتها في 2015 بنسبة 35٪، وعدد السياح بنحو 31٪ وعدد السياح الأوروبيين بنحو 54٪ مقارنة بسنة 2014 وفق إحصائيات رسمية.
تكثيف إجراءات الأمن
فرضت وزارة الداخلية التونسية، بعد هجوم سوسة، إجراءات أمنية غير مسبوقة في المطارات والمنشآت والمناطق السياحية من فنادق ومطاعم وشواطئ ومناطق أثرية ومسالك سياحية،حيث نشرت مؤخرا 1500 عنصر أمن سياحي وركزت أكثر من 70 مركز أمن “رملي” (متنقل) على طول شواطئ المناطق السياحية، بمناسبة عطلة الصيف التي تتزامن مع ذروة الموسم السياحي.
وأصبحت “كل” الفنادق في تونس اليوم مرتبطة مباشرة بمديريات الأمن عبر خط هاتفي خاص تتصل به عند الحاجة “فيكون التدخل سريعا” بحسب رضوان بن صالح رئيس النقابة التونسية لأصحاب الفنادق.
كما ألزمت وزارة الداخلية، بعد هجوم سوسة، كل الفنادق في تونس بتركيز “منظومة أمن ذاتية، حيث ضاعفوا من عدد الحراس وكاميرات المراقبة والهواتف السلكية والبوابات الإلكترونية الكاشفة للمعادن”.
«الأمن المحور الرئيسي” للترويج السياحي
أصبحت الإجراءات الأمنية المفروضة في الفنادق والمناطق السياحية “المحور الرئيسي” لحملات الترويج لسياحة تونس في الخارج بحسب عبد اللطيف حمام مدير عام “الديوان الوطني التونسي للسياحة”.
وقال المسؤول “نقوم باستدعاء صحافيين ومتعهدي رحلات ووكالات أسفار حتى يعاينوا بأنفسهم وبشفافية تامة الإجراءات الأمنية المعتمدة”.
ونظمت وزارة السياحة في الأشهر الأخيرة 27 رحلة نحو تونس لحوالي 1900 وكيل أسفار ومتعهد رحلات تم استقدامهم من 14 سوقا لإطلاعهم على ظروف الأمن في الفنادق والمناطق السياحية.
وتعتبر وزارة السياحة التونسية سنة 2010 السنة “المرجعية” للسياحة، لأن تونس استقبلت خلالها 6,9 ملايين سائح وحققت إيرادات بقيمة 3,5 مليارات دينار، وهي أفضل نتائج منذ أن شرعت البلاد في الاستثمار في السياحة في ستينات القرن الماضي.
الإبقاء على الصيد رئيسا
من جهة أخرى أكد الرئيس التونسي قائد السبسي خلال جلسة تفاوضية حول مبادرة كان تقدم بها مؤخرا لتشكيل حكومة وحدة وطنية أنه لا يرى مانعا في إعادة تجديد الثقة في رئيس الحكومة الحالي “الحبيب الصيد”حيث لم يطلب منه تقديم استقالته، واستمر التنسيق بينهما من خلال دورية اللقاء بينهما كل إثنين في ذات السياق شدد الرئيس التونسي، على أنه لم يتم تداول أسماء لتعويض رئاسة الحكومة المقبلة، على خلاف ما هو متداول في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ولم تعترض الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية على الصيد لمهامه ماعدا نداء تونس الذي يتمسك بإقالته، فالنهضة والاتحاد العام للشغل متمسكون بالصيد وهو عامل يدل على الانسجام ويضمن الاستقرار بالبلد.