قلّل من شأن التهديدات الأخرى على المنطقة

بن عنتر: النزاع الصحراوي خطر على الأمن المغاربي والمتوسطي

أمين بلعمري

أثارت مسألة الأمن في البحر الأبيض المتوسط، اهتمام الكثير من الباحثين في شؤون الأمن والاستراتيجية في هذه المنطقة، التي تتوسط العالم وتتقاطع فيها الكثير من المصالح الحيوية للقوى العالمية، خاصة وأن هذا الأخير يعتبر الممر الذي يصل شرق الكرة الأرضية بشمالها وجنوبها بشمالها، ما جعل هذه المنطقة تكتسي أهمية استراتيجية قصوى وجعل الأمن في هذه المنطقة مرتبطا بمصالح وحسابات جيواستراتيجية كبيرة أثرت كثيرا على مفهوم الأمن في المتوسط ولاتزال الكثير من مراكز البحث والتفكير تحاول تقديم مقاربات حول الأمن في هذه المنطقة.
في هذا الصدد، احتضن المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، أمس الأول، ندوة نقاش خصصت لموضوع الأمن في المتوسط، قدم خلالها ضيف المعهد، الأستاذ عبد النور بن عنتر، عن جامعة باريس (8)، محاضرة تطرق خلالها إلى عديد النقاط التي قال إنه لا يمكن من دونها فهم وتحليل مسألة الأمن في هذه المنطقة.
في مستهل مداخلته - التي غلب عليها الطابع النظري الأكاديمي الصرف - اعتبر المحاضر، أنه ينبغي، بداية، إعطاء تعريف للأمن بشكل عام قبل الحديث عن أمن منطقة بعينها. وفي هذا الصدد، اعتبر الأستاذ المحاضر أن هذا المصطلح مثير للجدل، يخضع للكثير من التفسيرات المختلفة والمتباينة في الكثير من الأحيان التي تخضع بدورها في الغالب لمصالح محددة توظف هذا المصطلح على النحو الذي يخدم هذه المصالح والأطراف التي تقف وراءها. وأضاف، أن هذا المصطلح كان محور العديد من الاجتهادات، خاصة بعد الحرب الباردة، ما أدى إلى ظهور تعريف مختلف تماما للأمن بمفهومه التقليدي، إذ لم يعد الأمن يقتصر على البعد العسكري ولكن أخذ أبعادا أخرى وهذا لا يعني التخلي عن الجانب العسكري ولكن أصبحت هناك أبعاد أخرى كالأمن الإنساني، البيئي، الاجتماعي... إلخ. وأضاف الأستاذ بن عنتر، أن هذه التصنيفات جاءت نتيجة اجتهادات مدارس مختلفة، بينها المدرسة الألمانية، التي اختصرت الأمن في عاملين وهما: الأمن من الحاجة والأمن من الخوف وهذا ما يتطابق تماما مع ما جاء في القرآن الكريم ـ بحسب هذا الباحث ـ دائما.
وحول التساؤلات التي يجب أن تطرح عن التطرف إلى مسألة الأمن، قال بن عنتر إنه لابد من الإجابة على سؤالين مركزيين وهما: من وكيف؟ وأردف أن الإجابة عن السؤال الأول تتعلق بكل تأكيد بالدولة، لأنها أهم أداة في تحقيق هذا الأمن ولكن هناك إشكالية تواجهنا هنا وهي أن تحقيق أمن الدولة لا يعني بالضرورة تحقيق أمن الأفراد، وأعطى أمثلة عن دول إفريقية تتمتع فيها الأنظمة بمنظومة أمنية قوية، في حين لا توفر هذا الأمن للمواطنين كأفراد، لهذا ـ أضاف المحاضر ـ أن الأمن يقوم على مبدأين أساسيين وهما: البناء والإدراك.
في حديثه عن الأمن في المنطقة المغاربية، قلّل بن عنتر من شأن التهديدات الكبرى التي يقال إنها تتعرض لها المنطقة، وأضاف، فما عدا النزاع في الصحراء الغربية لا تشهد المنطقة المغاربية نزاعات كبرى وفق ثنائية شمال - جنوب أو جنوب - جنوب.
وعن محاولات تقوية أمن المتوسط، قال إن فرنسا تقدمت بعديد المشاريع منذ ثمانينيات القرن الماضي، تتعلق بهذه المنطقة، عبر التعاون بين الضفتين الشمالية والجنوبية، لكن كانت في كل مرة تلقى المبادرات الفرنسية عدم القبول من بعض الدول الإفريقية وعلى رأسها الجزائر تحديدا، بسبب ما كانت تحمله تلك المبادرات من محاولات إقحام إسرائيل فيها، خدمة لمسار التطبيع. وأضاف ضيف المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، أن المبادرة الوحيدة التي أمكنها الاشتغال هي وصفة 5+5 دفاع والتي لاتزال قائمة إلى اليوم.
أما ما يخص منظور الولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارها فاعلا دوليا كبيرا في العلاقات الدولية والأمن في المتوسط، قال بن عنتر إن (و.م.أ) تعتبر المتوسط منطقة عبور نحو الشرق الأوسط وهي تعتبر ـ بحسب المحاضر - هذه المنطقة مؤمَّنة في إطار معاهدة حلف شمال الأطلسي من الواجهة الشمالية على الأقل التي تضم أعضاء الناتو، مضيفا أن الولايات المتحدة مهتمة أكثر بالشرق الأوسط وهذا الخيار مرتبط بشكل وثيق بأمن حليفتها إسرائيل في المنطقة.
الأستاذ عبد النور بن عنتر، لدى تطرقه إلى منطقة الشرق الأوسط، عاد إلى مسألة السلاح النووي وإلى الإدراك الأمريكي لهذا التهديد، معتبرا أن واشنطن لا تعتبر هذا السلاح تهديدا في حد ذاته، لكنها تعتبر أن هذا التهديد مرتبط بالطرف الذي يملكه، في إشارة إلى إسرائيل وإيران والتعاطي الأمريكي المتناقض في الحالتين.
وفي ختام مداخلته، عاد المحاضر إلى تأثير أحداث ماسمي بـ “الربيع العربي” على الأمن في المتوسط، معتبرا أن تلك الأحداث التي اندلعت، اعتبارا من سنة 2011، أوجدت آليات جديدة لعدم الاستقرار والفوضى وذلك بسبب العسكرة المبكرة للاحتجاجات التي ساهمت في الانزلاق الذي تعيشه اليوم سوريا وليبيا.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024