الحلول العسكرية لن تنجح في ليبيا

الجزائر ودول الجوار تحذر من مخلفات لن تحمد عقباها

حكيم بوغرارة

تعمل الجزائر وبعض دول الجوار التي تحيط بليبيا على دعم الجهود الدبلوماسية لتمكين حكومة الوفاق الوطني الليبية من مباشرة مهامها، والشروع في إرساء مؤسسات الدولة وتمكين الشعب الليبي من حياة كريمة في ظل جو من الهدوء والأمن والسكينة.
إن ضربة الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية، التي استهدفت ـ حسبها ـ إرهابيين أو عناصر من تنظيم ما يسمى “داعش” الارهابي في مدينة “صبراتة”، تعبر عن الكثير من الخلفيات التي تحكم الملف الأمني وكذا الموقف الأمريكي من الجهود الدبلوماسية لحل مختلف المشاكل العالقة في الشرق الأوسط.
إن مبادرة واشنطن بضرب ليبيا رغم التقدم الذي أحرزته المفاوضات يؤكد بأن الغرب لا يرحب بالحلول الدبلوماسية التي تمكن ليبيا من الاستقرار واسترجاع التحكم في ثرواتها التي يتم بيعها بثمن بخس في أعالي البحار، حيث تمكنت الدول الغربية من عقد صفقات مع مسلحي ما يسمى “داعش” من خلال اقتناء النفط بأسعار بخسة لتقليص نفقاتهم الاقتصادية وإنعاش نسب النمو.
لقد سارعت الولايات المتحدة الأمريكية لضرب ليبيا لتقديم تحذير شديد اللهجة لايطاليا وفرنسا اللتان خططتا لضرب “داعش”الارهابي في ليبيا وبعدها الانفراد بالاستثمارات زيادة على  نفوذها في المغرب العربي، وفي سياق متصل يسعى البيت الأبيض لإقناع الجزائر بحقيقة ما يسمى “داعش”الارهابي وأنه على حدودها مع تونس.
ويمكن إدراج العملية الأمريكية التي لم تستشر فيها أحدا في التمهيد لنقل ما يسمى تهديد “داعش”الارهابي  من الشرق الأوسط إلى الدول الواقعة جنوب الساحل الصحراوي لبسط السيطرة على إفريقيا وتقويض الجزائر كدولة مفصلية في المنطقة.
ويظهر أن ما يسمى «الربيع العربي»، وما يحدث للسوق النفطية مرتبطان بتحطيم الدول الوطنية والتي تتمسك بالقوانين والأعراف في التعامل مع الأزمات، الأمر الذي يقوض جهود الدول الغربية في بسط السيطرة واحتكار العالم وتركيع الشعوب وإبادتها من أجل أن تعيش هي.
إن المتتبع جيدا لتطور الأوضاع في منطقنا يقف على النفاق الكبير بين الدبلوماسية والعسكر فالكل يرحب بالدبلوماسية وعندما تصل الأمور إلى النهاية تتدخل الطائرات العسكرية، لأن الشعوب العربية بعد العراق وسوريا واليمن لا يراد لها أن تنعم بالسلم والأمن والتطور والتقدم فأحقاد الغرب لم تعد تخفى على أحد.
العرب لن يلوموا إلا أنفسهم
إن قرار المغرب إلغاء أو تأجيل عقد القمة العربية لعدم توفر الظروف يعكس مدى رضا الكثير من الدول العربية على ما يحدث على أراضيها أو هي متواطئة في الكثير من الواقع العربي، وعليه فما يحدث من تطورات نتحمل نحن جزء كبير منه والخطأ الكبير هو تحميل واقعنا المزري للآخر.
ويعرف الواقع العربي تراجعا كبيرا في مختلف المجالات وحتى الحق في الحياة بات منعدما في الكثير من الدول فما بالك بمطالب أو حقوق أخرى، فالأنباء تتحدث يوميا عن مئات القتلى في العراق وفلسطين، وسوريا ومصر ولييبا واليمن ناهيك عن ما يحدث للاجئين السوريين في أوروبا كلها صور كان يجب أن تحرك العرب قبل الغرب الذي يقتل الميت ويمشي في جنازته.
إن أي تدخل عسكري في ليبيا سيخلق مآسٍ جديدة ستتحملها الجزائر ودول الجوار، فضرب الشعب الليبي سيخلق موجة هجرة جديدة وسيفتح الباب على مصراعيه لتجار البشر، كما أن تجارة السلاح والمخدرات ستتطور وتنمو أكثر وغيرها من الآفات السلبية التي ستنعكس سلبا على الجزائر وستدخلها في حرب استنزاف جديدة تأتي على ما تبقى من المؤشرات الايجابية للاقتصاد الوطني.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024