دعا فتحي المجبري، الناطق باسم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، مجلس النواب إلى اتخاذ قرار حكيم بشأن اعتماد التشكيلة الوزارية الجديدة واستحضار اللحظة التاريخية لإنهاء الانقسام في البلاد.
قال المجبري في مؤتمر صحافي عقد أمس غداة الإعلان عن تشكيل حكومة التوافق «إننا على ثقة في قدرة مجلس النواب على اتخاذ قرار سليم بشأن حكومة الوفاق واعتمادها بعد أن قدم أعضاء المجلس الرئاسي كل التنازلات التي من شأنها الحفاظ على تماسك المجلس مراعاة لمبدا التوافق.
وشدّد على اتخاذ قرار حكيم ينهي حالة الانقسام، ويساعد على إعادة الحياة الطبيعية في ليبيا.
وأكد المجبري ثقته في البرلمانيين الليبيين وقدرتهم على اتخاذ قرار سليم بما يخص اعتماد الحكومة، لافتاً إلى أنه السيناريو الوحيد الذي يراه ويستشرفه المجلس الرئاسي، هو أن يتخذ البرلمان قراراً حكيماً.
وكان المبعوث الأممي لدى ليبيا مارتن كوبلر قد رحب بالإعلان عن تشكيل حكومة الوفاق مقدما تهانيه للمجلس الرئاسي ولليبيين.
أصداء مهنئة ومرحبة
ودعا كوبلر في بيان له في الساعات الأولى من صباح أمس، مجلس النواب إلى الاضطلاع بمسؤولياته تجاه بلاده من خلال اعتماد حكومة الوفاق وتمكينها من العمل بشكل سريع.
وقال «إن أنظار الشعب الليبي تتجه صوب حكومة الوفاق الوطني الجديدة لممارسة سلطاتها والعمل بإصرار من أجل إعادة توحيد مؤسسات الدولة واستعادة الاستقرار والأمن في جميع أنحاء ليبيا فعلى مجلس النواب تقدير هذه اللحظة».
من جانبه قال إبراهيم الدباشي مبعوث ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة «إن الأوضاع الخطيرة داخليا في البلاد واتجاه أنظار العالم إليها تحتم على مجلس النواب سرعة اعتماد الحكومة مع حقها في تغيير بعض أعضائها إن تطلب الأمر».
وشدد الدباشي في منشور على صفحته على فيسبوك على أن «تأخير اعتماد الحكومة ومباشرة أعمالها سيكلف الليبيين أكثر من المتوقع على مستوى محلي ودولي «.
وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج قد أعلن عن تشكيلة حكومته الجديدة ليل الأحد قبل دقائق قليلة من انقضاء المهلة التي حددها البرلمان المعترف به في مدينة طبرق في شرق ليبيا للمجلس الرئاسي للتقدم بتشكيلة حكومية جديدة بعد فشل التشكيلة الأولى في الحصول على الثقة بسبب كثرة عدد مقاعدها (32 وزيرا).
وتضم التشكيلة الجديدة مكونة 13 حقيبة وزارية و5 وزراء دولة من بينهم ثلاث نساء.
ويفترض أن يعقد البرلمان المعترف اليوم جلسة للتصويت على منح الثقة لهذه الحكومة.
وتخلف عن التوقيع النهائي على محضر إعلان الحكومة نائبين بالمجلس الرئاسي هما علي القطراني، بعد خلاف استعر داخل أعضاء المجلس الرئاسي حول حقيبة الدفاع التي منحت للمهدي البرغثي أحد ضباط الجيش .
والنائب الثاني هو عمر الأسود ممثل مدينة الزنتان بغرب ليبيا، الذي أعلن عن أسباب تخلفه عن جلسة التوقيع بالقول «إن الشخصيات المكلفة بحمل حقائب الوزارات مجهولة ولم أستطع قراءة سيرهم الذاتية لأوافق عليهم».
وكان منتظرا أن يعقد مجلس النواب الليبي في طبرق شرق البلاد جلسة امس لمناقشة تشكيلة الحكومة الجديدة للنظر في اعتمادها وسط أنباء عن مساعٍ لنواب شرق ليبيا لحجب الثقة عنها وتسمية حكومة جديدة.
تحدّيات صعبة
الحكومة الجديدة التي تعد من نتائج للاتفاق السياسي الليبي الذي احتضنت الجزائر العديد من جولات حواره، ليست أمام مهمة سهلة بل عليها العمل ومواجهة ظروف وجو سادته الفوضى والانفلات الأمني امتد لسنوات وتجدر بليبيا وفي مقدمة التحديات تحقيق الأمن بالعاصمة الليبية طرابلس حيث سيكون مقرها.
ويبقى الرهان معقود على الساسة الليبيين ومن وراءهم الشعب الليبي بكل أطيافه للعمل معا من أجل انقاذ ليبيا وإبعاد شبح التدخل العسكري الخارجي الذي تلوح به بعض الدول والذي لاطالما حذرت منه دول الجوار وأيدت الحل السياسي لإنهاء الأزمة الليبية.
وشكلت زيارة وزير الخارجية التونسي مؤخرا الى الجزائر فرصة للبلدين لتجديد التأكيد على أهمية الحل السياسي ورفضهما لأي تدخل عسكري إلى جانب إبراز ضرورة توافق الليبيين فيما بينهم لتكوين حكومة الوفاق الوطني حتى تستلم الحكم في طرابلس وتباشر مهامها وتعالج بنفسها المسائل التى تهم ليبيا بما في ذلك مسألة الإرهاب.
وقد تحتضن العاصمة التونسية اجتماعا لدول الجوار الليبي بهدف بحث السبل الكفيلة بالدفع بالحل السياسي في ليبيا حسب ما أعلن عنه الأحد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل اثر لقاءه
بالوزير التونسي للخارجية بالجزائر العاصمة.
وفي آخر صور أصداء اي تدخل عسكري محتمل بليبيا جاءت على لسان وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي، من أن «فرنسا وبريطانيا لن تقدما على حرب منفردة في ليبيا».
وقالت بينوتي في تصريحات صحفية نشرت الاحد «إن فرنسا وبريطانيا لن تتحركا في عملية عسكرية منفردة في ليبيا كما كان الحال في عام 2011» مضيفة «لقد اتفقنا على ذلك خلال الاجتماع الأخير لوزراء دفاع دول التحالف، الذي حضره وزيرالدفاع الامريكي آشتون كارتر، والفرنسي جان إيف لو دريان، والبريطاني مايكل فالون».
وذهبت الوزيرة الايطالية الى حد القول «نحن لا نتحدث عن أي حرب، بل عن حرب على الإرهاب، وسنحتاج إلى تمويل إضافي لمبلغ الـ600 مليون يورو والذي كان البرلمان الإيطالي قد خصصه للحرب على «داعش» في العراق فقط، وهذا بالطبع لن يكفي فيما لو فتحنا جبهة جديدة في ليبيا».
هذا وقد وقع منتصف ديسمبر الماضي، أعضاء من البرلمان الليبي المعترف به دوليا والبرلمان الموازي غير المعترف به (طرابلس)، اتفاقا بإشراف الأمم المتحدة نص على تشكيل حكومة وفاق وطني توحد السلطات المتنازعة.
وحظى الاتفاق بدعم المجتمع الدولي، لكنه لقى معارضة في صفوف الطرفين، لا سيما من سلطات العاصمة طرابلس التي يسيطر عليها تحالف جماعات مسلحة منذ أكثر من عام ونصف عام تحت مسمى «فجر ليبيا».
وبموجب الاتفاق تشكل المجلس الرئاسي الذي يعمل على تشكيل حكومة الوفاق الوطني.