غوانتانامو، التعويضات والتبرئة من رعاية الإرهاب

ملفات ستحدد مستقبل المصالحة بين كوبا وواشنطن

أمين بلعمري

افتتح كاتب الدولة للخارجية الأمريكية جون كيري، الجمع، سفارة واشنطن في هافانا أين رفع علم الولايات المتحدة من جديد بحضور رمزي لضباط البحرية الثلاثة الذين أنزلوه من على نفس المبنى قبل نصف قرن، وذلك إيذانا بعودة العلاقات الدبلوماسية بين كوبا ودولة «العم سام»، بعد 56 عاما من انقطاع التيار بينهما، أي منذ قيام الثورة الكوبية سنة 1959 وبداية سلسلة المحاولات الأمريكية للإطاحة بالنظام الشيوعي المناهض في هافانا بقيادة فيدال كاسترو الذي لطالما اعتبرته واشنطن خطرا على أمنها القومي ونقطة هجوم متقدمة للاتحاد السوفياتي أيام الحرب الباردة التي كانت من أشهر أزماتها حادثة الصواريخ السوفياتية، التي تم نشرها في خليج الخنازير وهي الواقعة التي كادت أن تشعل حربا نووية لا تبقي ولا تذر.
هذا ويأتي افتتاح جون كيري لسفارة بلاده في هافانا، بعد 15 يوما على إعادة فتح سفارة كوبا في واشنطن يوم 20 جويلية الماضي، ليكون بذلك أول دبلوماسي أمريكي يحل بهذه الجزيرة الشيوعية - التي تعتبر إحدى رموز مقاومة الأمبريالية - منذ أكثر من نصف قرن من القطيعة بين البلدين، عانت خلالها كوبا من حصار اقتصادي ومالي خانق منذ 1962، انتهى إلى فشل ذريع، باعتباره لم يحقق الهدف الأساسي الذي فرض من أجله وهو تغيير نظام الحكم في هافانا.
فشل سياسات العقوبات
إن المبادرة التي أطلقها الرئيس الأمريكي باراك أوباما - الحاصل على جائز نوبل للسلام سنة 2009 – وإن كانت تكشف عن توجه جديد في السياسة الخارجية الأمريكية مضمونه، «تصفير الخلافات الأمريكية مع دول العالم»، فإنها تبين في الوقت نفسه أن سياسة العصا التي اعتمدتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع كوبا، لم تفلح في إعادة هافانا إلى بيت الطاعة الأمريكي، حيث أنه وبعد أكثر من نصف قرن من الحصار والعقوبات الأمريكية، مازال النظام الشيوعي في كوبا قائما، بل أكثر من ذلك فإن هذا الأخير قاوم الهيمنة الأمريكية في أحلك الأوضاع العالمية التي لم يسلم من تداعايتها حتى الاتحاد السوفياتي، الذي وجد نفسه يتفكك تاركا المجال واسعا للولايات المتحدة الأمريكية للتفرّد برسم مصير العالم وتحديد محاور الشر والخير، بل السكوت عن ضرب أكبر حلفائه الشيوعيين أثناء الحرب الباردة وهي يوغسلافيا، التي لطالما شكلت شرفة كانت تبسط من خلالها موسكو سيطرتها على كل أوربا الشرقية.
الأكيد أن العلاقات الدولية اليوم، تحمل معطيات جديدة مغايرة تماما لتلك التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي مباشرة، حيث أن عودة روسيا - وريثة هذا الأخير - إلى المشهد الدولي بعد عشريتين من الغياب، انكبت خلالهما على معالجة أزماتها الداخلية من جهة وبروز قوى ناشئة من ناحية أخرى المتمثلة في كتلة «البريكس» التي تضم دولا أصبحت تبحث عن دور سياسي دولي يعكس وزنها ونموها الاقتصادي ويخدم مصالحها وتطلعاتها، بالإضافة إلى العمل على فرض نفسها كمنافس للولايات المتحدة الأمريكية، له حق المشاركة في رسم السياسات العالمية بإبعادها المختلفة: السياسية، الاقتصادية والثقافية.
في الأخير إنه من السابق لأوانه التفاؤل كثيرا بعودة العلاقات بين كوبا وواشنطن، خاصة وأن هناك ثلاث نقاط ستحدد مستقبل المصالحة بين البلدين وهي رفع هافانا من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وكذا التعويضات على سنوات الحصار الأمريكي التي تقدرها هافانا بملايين الدولارات والنقطة الأكثر تعقيدا هي استعادة كوبا لجزيرة غوانتانامو التي تحتلها الولايات المتحدة منذ أكثر من 60 عاما وهي كلها نقاط لاتزال تشكل موضع خلاف جوهري بين الرئيس الأمريكي والكونغرس الذي يسيطر عليه خصومه الجمهوريون. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024