التعاون الأمني، مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان أولوية
تنتهي، اليوم، جولة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلى شرق إفريقيا، التي باشرها بكينيا بلد والده الأصلي، حيث تحدث عن مستقبل مشرق للقارة السمراء، دون أن ينسى تقديم بعض الدروس السياسية، وينتظر أن يلقي صبيحة هذا الثلاثاء خطابا بمقر الاتحاد الإفريقي، يكشف فيه عن الخطوط العريضة لآفاق العلاقة بين الولايات المتحدة وإفريقيا.
فور وصوله إلى كينيا، التي تربطه بها علاقة خاصة، أمسية الجمعة الماضية، بادر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، باراك أوباما، إلى إبداء رأيه في الأوضاع الحالية التي تعيشها دول القارة الإفريقية، مقدما نظرة مغايرة، لتلك التي تنقلها كبريات الصحف الغربية.
حيث صرح قائلا: «أردت أن أكون هنا لأن إفريقيا تسير، إفريقيا هي أكثر مناطق العالم التي تعرف نموا اقتصاديا قويا».
هذا التصريح، أراد من خلاله أن يؤكد، أن صور حملات الأمم المتحدة ضد الفقر والأوبئة والأطفال المحرومين، والنساء اللاتي يعشن حياة مأساوية، وأخبار القتل والهجمات الانتحارية التي تنفذها الجماعات الإرهابية في مختلف مناطق القارة، لن تغطي على الأشياء الإيجابية الأخرى، وعلى رأسها النمو الاقتصادي، الذي يتحسن بشكل تدريجي.
وأراد أوباما، أيضا أن يسجل حضور بلاده إلى جانب الأفارقة في معركته ضد التخلف ومساعيهم نحو التقدم وتغيير الوجه القاتم، عبر تشجيع الاستثمارات الأجنبية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية.
فالنسبة لأوباما «الناس يخرجون من الفقر والعائدات في ارتفاع، والطبقة المتوسطة والشباب يستعملون التكنولوجيات من أجل تغيير نمط الحياة في إفريقيا».
مشيرا بذلك إلى الحركية الاقتصادية، التي باتت تعرفها معظم البلدان الإفريقية، حيث يسجل معدل نمو سنوي يقدر بـ 6٪، وهي نسبة جد معتبرة مقارنة بباقي بلدان العالم، وتشهد منطقة شرق إفريقيا وتيرة نمو سريعة مقارنة بباقي الجهات،أين تعرف الاستثمارات الأجنبية والوطنية حركية ملحوظة، مستغلة الأوضاع السياسية والأمنية التي تعرف استقرارا نسبيا.
وربطت الكثير من القراءات زيارة أوباما، برغبته في رفع حصة الولايات المتحدة الأمريكية من الاستثمارات الاقتصادية في إفريقيا، وتقليص الفجوة العملاقة التي تفصلها في هذا المجال عن الصين، فزيارته إلى كينيا وإثيوبيا، ستكون الأخيرة له كرئيس لأمريكا، بعدما تبقى من عمر عهدته الرئاسية الثانية 18 شهرا، يريد أن يتوجها باتفاقيات هامة، تجسد الإرادة المعلنة سنة 2013، في الظفر بحصة معتبرة من المشاريع التي تخص مجالات التكنولوجيات الحديثة، المنشآت القاعدية والطاقة.
التوجه الاقتصادي الأمريكي، في إفريقيا، تجلى في ذات السنة حين زار أوباما جنوب إفريقيا، وأعلن منها عن مشروع ضخم لتوليد الطاقة الكهربائية بدول افريقية عديدة بقيمة 7 مليار دولار، لم يتجسد إلى غاية الآن.
واحتضنت الولايات المتحدة، القمة الأمريكية-الإفريقية، العام الماضي، بواشنطن، والتي وصفت بالتاريخية، باعتبارها الأولى من نوعها وطغى عليها الطابع الاقتصادي. ويرى كثير من المحليين في كل خطوة أمريكية في البلدان الإفريقية، رغبة معلنة لمقارعة الصين، لكن الواقع يقول عكس ذلك فحجم المبادلات بينها وبين إفريقيا لا يتعدى 73 مليار دولار سنويا، بينما ينهاز 200 مليار دولار مع الصين، ما يعني إن هناك فرق واسع، ومجهود كبير يجب أن يبدل.
لكن ذلك يرتبط بمدى رغبة الولايات المتحدة، في تنمية حضورها اقتصاديا، فحماسها يرتكز بشكل خاص على الجانب الأمني ومكافحة الإرهاب، والديمقراطية وحقوق الإنسان وهي دروس سياسية تسبب إزعاجا لمعظم القادة الأفارقة.
وآخر تلك الرسائل السياسية، كانت يوم السبت، حين أشار أوباما إلى أن الفساد يمثل العائق الأكبر أمام التطور في كينيا، والمؤكد أن كلامه موجه لكامل البلدان الإفريقية.
وسيحل أوباما، صبيحة اليوم، بمقر الاتحاد الإفريقي، أين سيلقى خطابا، ينتظر أن تحظى فيه مسألة التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب بالأولوية على أن تأتي مسائل حقوق الإنسان والسياسة والاقتصاد في المقام الثاني، لكن مجرد زيارته لمقر الهيئة القارية يعتبر دعما مباشرا، من طرف الولايات المتحدة، وإرادة في تعميق تعاونها مع بلدان القارة.