رغم موافقة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) أول أمس على إرسال قوة للمساعدة في استعادة شمال مالي، فإنها أشارت إلى أنها مازالت تأمل تفادي حدوث صراع من خلال المفاوضات وقال بيان صدر عن الاجتماع ''أن السلطة في باماكو تؤكد أن الحوار مازال الخيار المفضل''.
والواقع أن خيار المفاوضات الذي نادت إليه الجزائر ولازالت متمسكة به والذي يعتبر الحل الأمثل لأنه يجنب المنطقة منزلقات خطيرة ويحول دون أفغنة أو صوملة الساحل، بات اليوم على المحك خاصة وأن المروجين لخيار القوة حققوا أشواطا كبيرة في تحقيق مسعاهم ولم يعد يفصل عن تبني التدخل العسكري إلا تزكية وموافقة مجلس الأمن المضمونة مسبقا.
وإذا كنا نتساءل عن أي مجال للمفاوضات تركه الذين يقرعون طبول الحرب، فإننا في المقابل نتمسك بالطرح الذي تتبناه الجزائر لإقناع المجموعات المتمردة من شمال مالي بالجنوح الى الحوار والسلم مثلما فعلت حركة «أنصار الدين» التارقية التي قبلت نهج الطريق السلمي لحل خلافاتها ومشاكلها مع السلطة في باماكو.
والمقاربة الجزائرية المبنية على أسبقية الحل السلمي ستحمي المنطقة من الوقوع فريسة بؤرة توتر تأتي على الأخضر واليابس ومع هذا الدفع نحو الحسم العسكري والتجاهل المقصود لنداءات التهدئة والتسوية السلمية يبقى السؤال المطروح عن إمكانية القوة الافريقية التي سترسلها «الإيكواس» والتي لا يتجاوز تعدادها ٣٣٠٠ جندي في مواجهة والانتصار على المجموعات المسلحة المستهدفة وهي تمتلك من العتاد والإمكانيات واستراتيجية القتال اللاأخلاقية الكثير لتطيل المعركة وتحولها إلى حرب مزمنة بل وقد تنقل معاركها إلى دول الجوار بما فيها الجزائر، وقد تستخدم المدنيين كدروع بشرية تحتمي بهم ليكون الشعب المالي وشعوب المنطقة الضحية الأكبر..؟
كما يطرح سؤال آخر في حال فشلت هذه القوة عن تحقيق الهدف المرسوم ألا يكون المجال مفتوحا لتدخل عسكري غربي كما حصل في ليبيا وفي أفغانستان؟ وما ترتب عن ذلك من مآسي ومخاطر.