في اقتراع شهد إقبالا ضعيفا، صوت سكان كاليدونيا الجديدة بنسبة كبيرة بـ «لا» للاستقلال عن فرنسا في ثالث استفتاء من نوعه خلال السنوات الأخيرة. وكان الاستقلاليون قد قاطعوا الاقتراع بسبب ما يرونه غياب «حملة عادلة» في الأرخبيل الذي ضربه وباء فيروس كورونا بقوة منذ سبتمبر.
أظهرت نتائج جزئية أن سكان كاليدونيا الجديدة صوتوا بـ»لا» في استفتاء ثالث وأخير حول الاستقلال عن فرنسا قاطعه الاستقلاليون.
وقالت مصادر إعلامية، إنه بعد فرز 84 بالمائة من الأصوات، رفض 96 بالمائة استقلال هذا الأرخبيل الفرنسي الاستراتيجي الواقع في جنوب المحيط الهادئ.
وكان هذا الاقتراع يشكّل مرحلة أخيرة لعملية إنهاء الاستعمار بدأت قبل ثلاثين عاما في هذه الأراضي الفرنسية الاستراتيجية في المحيط الهادئ.
ودعي أكثر من 185 ألف ناخب إلى التصويت للمرة الثالثة والأخيرة ردّا على سؤال «هل تريد أن تحصل كاليدونيا الجديدة على سيادتها الكاملة وتصبح مستقلة؟»، ونشرت السلطات قوات أمنية كبيرة تتمثل بألفي دركي وشرطي وعسكري، سعيا إلى جعل عمليات التصويت «مطمئنة» في الأرخبيل.
وأعلن الاستقلاليّون أنّهم لن يذهبوا إلى مراكز الاقتراع لأنه لا يمكن تنظيم «حملة عادلة» في الأرخبيل الذي ضربه بقوّة منذ سبتمبر وباء كوفيد-19.
ثلاث عمليات استفتاء
يشكّل هذا الاستفتاء خطوة حاسمة في عملية بدأت في 1988 باتفاقات ماتينيون في باريس التي كرست المصالحة بين الكاناك السكان الأوائل لكاليدونيا الجديدة، والكالدوش أحفاد المستوطنين البيض بعد سنوات من التوتر وأعمال العنف.
انخرط سكان كاليدونيا في هذه العملية منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما شهدت أراضيهم التي استعمرتها فرنسا في القرن التاسع عشر، فترة اضطرابات بلغت ذروتها في عملية احتجاز رهائن وهجوم على كهف أوفيا في ماي 1988. وقد أدّت إلى مقتل 19 من الناشطين الكاناك وستة عسكريين.
وبعد أقل من شهرين على هذه المأساة، نجح الاستقلاليّون والموالون لفرنسا في إبرام اتفاقات ماتينيون التي أعادت توزيع السلطات في كاليدونيا الجديدة. وبعد عشر سنوات، أطلق توقيع اتفاق نوميا عملية لإنهاء الاستعمار تستمر عشرين عاما.
وينص هذا الاتفاق على تنظيم ثلاث عمليات استفتاء لمعرفة ما إذا كان السكان يريدون أن تحصل الجزيرة على «السيادة الكاملة والاستقلال».
وكان ممثّلو كاليدونيا قد قرروا مع الدولة في جوان في باريس، أنّه بعد 12 ديسمبر ستبدأ «فترة استقرار وتقارب» قبل «استفتاء مزمع» بحلول جوان 2023.
وهذا «الاستفتاء المزمع» سيكون بشأن دستور دولة جديدة في حال صوت الناخبون بنعم على الاستقلال، أو إذا حدث العكس بمنح المنطقة وضعا جديدا.
إمكانيات وثروات
تملك كاليدونيا الجديدة منطقة اقتصادية حصرية تمتد على مساحة حوالي 1,5 مليون كيلومتر مربع. وتجعلها ثرواتها المعدنية وخصوصا النيكل والكوبالت واحدة من الدول المنتجة الأولى في العالم.
إلى جانب هذه الثروات، تتمتّع هذه المنطقة الفرنسية في ما وراء البحار بموقع جيوسياسي مهم نظرا للأهمية المتزايدة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ في العلاقات الدولية مع صعود الصين.
وكاليدونيا الجديدة مدرجة منذ 1986 على لائحة الأمم المتحدة للأراضي غير المستقلة التي تجب إزالة الاستعمار منها.