يعاني المغرب من أزمة اقتصادية - اجتماعية متجذرة زادت حدتها في الفترة الأخيرة، مع وجود بوادر لتفاقمها على المدى القريب بعد إعادة غلق الحدود الجوية وارتفاع واردات الطاقة التي أدت الى تزايد العجز التجاري للمملكة، وهي مؤشرات تنذر بانعكاسات ثقيلة على الجبهة الاجتماعية.
أدى تدهور نشاطات اقتصادية، وعلى رأسها قطاع السياحة، مع ارتفاع الواردات وبلوغ الأسعار مستويات قياسية، الى تدهور الظروف المعيشية للشعب المغربي، مما أدى الى تأجيج فتيل الاحتجاجات الشعبية لتستكمل بهذا مكونات المشهد الاقتصادي-الاجتماعي البائس بالمملكة.
وتفيد أحدث مؤشرات مكتب الصرف المغربي بشأن المبادلات التجارية الخارجية، خلال العشرة أشهر الأولى من السنة الجارية، أن واردات الطاقة أدت إلى ارتفاع العجز التجاري المغربي بنسبة 26 بالمائة إلى نحو 8ر17 مليار دولار (164 مليار درهم مغربي، الدولار يعادل نحو 9 دراهم).
وارجع تقرير مؤشرات المبادلات الخارجية، الذي نشر الخميس الماضي، تفاقم العجز التجاري إلى ارتفاع تكلفة واردات الطاقة بنسبة 43 بالمائة لتقدر ب 8ر58 مليار درهم.
وحسب المعطيات الإحصائية لمكتب الصرف المغربي، باعتباره هيئة تنظيمية معنية بسوق الصرف، بلغت نسبة تغطية الصادرات للواردات 3ر61 بالمائة فقط. وقد ارتفعت الواردات بحوالي 23 بالمائة لتصل الى 3ر424 مليار درهم، نتيجة ارتفاع واردات الطاقة، ما أدى إلى تفاقم العجز التجاري خلال العشرة أشهر الأولى من السنة الجارية.
وتعتبر السياحة، وهي أحدّ الركائز الأساسية في الاقتصاد المغربي اذ تساهم بحوالي 7 بالمائة في الناتج المحلي الاجمالي، مصدرا مهما للعملة الصعبة ولتوفير مناصب الشغل. وقد تكبد هذا القطاع خسائر قدرت بمليارات الدولارات بفعل تداعيات الوباء خلال السنتين المنصرمتين.
انفجار الجبهة الاجتماعية
وقد أثار قرار إغلاق المغرب لحدوده الأحد الماضي، استياء العاملين في القطاع الذين يتخوفون من تعمق أزمة هذا القطاع الحيوي والاقتصاد المغربي على العموم.
وبهذا الشأن، أفادت مواقع اعلامية بأن السياحة المغربية ستخسر أكثر من 100 مليون دولار على اقل تقدير خلال فترة أعياد نهاية السنة الميلادية.
وانخفضت مداخيل القطاع بمعدل 65 بالمائة، أي بنحو 5ر7 مليون اورو ما بين 2019 و 2020 مع فقدان مناصب شغل تقارب 30 بالمائة من عدد العاملين بقطاع السياحة، حسب أرقام رسمية نشرتها الصحافة المحلية.
وضع معيشي يتدهور
وانعكس هذا الوضع الاقتصادي المتأزم على المستوى المعيشي للمواطن المغربي الذي أصبح يعاني من بطالة متزايدة توازيها أسعار جنونية ونقص في أدنى متطلبات العيش الكريم في بعض مناطق المملكة.
وبهذا الشأن، ذكر امبارك عثماني، رئيس الهيئة المغربية لحقوق الانسان، في تصريحات أدلى بها مؤخرا، أن 11 بالمائة من المغاربة يعيشون في غرفة واحدة و25 بالمائة في غرفتين، وأن حوالي 16 بالمائة محرومون من شبكة الكهرباء وأن من 9 الى 63 بالمائة منهم لا يتوفر لديهم الماء الشروب.
ويضيف ممثل الهيئة الحقوقية أن حوالي 17 بالمائة من الأسر المغربية لا يملكون مرحاضا و ما بين 45 الى 89 بالمائة، ليس لهم شبكة الصرف الصحي فضلا عن كون 36 بالمائة من الطبقة الشغيلة تعمل بصفة غير مهيكلة (غير قانونية).
و ترى منظمة «أوكسفام» العالمية في آخر تقرير لها عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في المغرب نشر بداية السنة الجارية، أن الاقتصاد المغربي «يسير بخطى ثابتة نحو الهاوية، بسبب الفساد الضريبي وغياب إصلاحات جذرية، وعدم المساواة بين فئات المجتمع المغربي».———————