د.بشير مصيطفى لـ «الشعب» :

الاستثمار في التراث يرشح الجزائر لاحتلال موقع عالمي

ورقلة: إيمان كافي

اعتبر الدكتور بشير مصيطفى وزير الاستشراف والإحصاء سابقا وأستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر في حديث لـ»الشعب» على هامش المهرجان الوطني الثاني والأيام الدراسية السادسة حول مدينة سدراتة الأثرية التي نظمت بدار الثقافة مفدي زكرياء بورقلة، أن الاستثمار الثقافي في الجزائر يرشحها لأن تحظى بموقع في القرن القادم إذا استثمرت، أما إذا لم تفعل فيمكن أن تفقد موقعها التاريخي كحاضرة من حواضر المغرب العربي.
اعتبر د.مصيطفى أن هذا التحدي لن يرفع إلا بإعادة تأهيل القصور والموروث التاريخي الجزائري ليتحوّل من مخزون ساكن وميت إلى تدفق ديناميكي حي بإعطاء إشارات، وفرص، ومنتجات بما فيها المنتج السياحي أو المنتج الاقتصادي وكذلك تصنيفها ضمن المقاييس العالمية للخروج من المفهوم الضيق المحلي للموروث التاريخي إلى المشترك الإنساني، وبالتالي إلى الفضاء العالمي للمدن التاريخية.
وأوضح المتحدث أن «استغلال التراث الثقافي لتحقيق المردود الاقتصادي المادي هو أمر يمسّ السياحة أصلا بمعنى آخر، السياحة التاريخية أو السياحة الدينية لأن التدفق السياحي في الجوانب التاريخية كبير وكبير جدا، لأنه لوحظ أن التدفقات السياحية في العالم كلها عندها طابع ثقافي، مثلا فرنسا عدد السياح يساوي عدد السكان، لكن هؤلاء السياح تستقطبهم فرنسا نظرا للتاريخ الفرنسي والثقافة الفرنسية، تايلندا نفس الشيء والصين كذلك»،
أما في ما يخص المردود الثاني فيكون ـ حسبه ـ عبر ترميم التراث برقمنة السياحة ورقمنة القصور ورقمنة المخطوطات واستخدام المواقع الالكترونية لتسويق المنتج التاريخي والتراثي والاستعانة بتكنولوجيا الاتصال الجديدة، وبالتالي فإن المردود الأول سيعود على السياحة، مشيرا إلى أهمية الاستثمار في المخطوطات النادرة التي تقدر بملايين الدولارات وذلك عبر إعادة نسخها وتسويق صور عنها مثل المخطوط الأصلي لمقدمة القيرواني في الفقه والتعريف كذلك بالقوافل التي كانت تأخذ الكتب إلى إفريقيا الغربية والتي لو يتم الحصول على جزء من هذه المخطوطات التي مرّت بتندوف وأدرار إلى إفريقيا الغربية ويتم ترميمها سيصبح لدينا مخزون اقتصادي.
 لكن الآن - كما ذكر - الكتب ممزقة والحبر بدأ يختفي من على صفحاتها وهي غير مرقمنة، في وقت من الممكن إنتاج صناعة كاملة من الموروث التاريخي والثقافي والروحي.
والطريقة لتحقيق ذلك تكون عبر أقصر طريق لتجسيد هذا الهدف ـ كما قال المتحدث ـ أي من خلال إخراج المخزون التاريخي من الحيز الساكن إلى الحيز الديناميكي باعتماد إستراتيجية اليقظة التي تمثل منظومة تقنية، فنية، محايدة بثلاث بوابات تتمثل في الإحصاء المادي واللامادي من خلال جمع المعطيات التي لها علاقة بالتاريخ والمخزون التاريخي بشقيها المعطى الكمي أو التوزع للحواضر والزوايا أو اللامادي المتمثل في الأعلام مثلا، أو طبيعة المراجع والمخطوطات.
وتشير البوابة الثانية من هذه الإستراتيجية، حسب د.مصيطفى «إلى توفر خبراء لتحليل هذه الأرقام وهذه المعطيات والإحصائيات والخروج بنتائج عن طريق ما يعرف بتحليل المعطيات، ومن ثمّة هندسة السياسات والتي تمثل هندسة مبنية على معطيات حقيقية واستشراف للمستقبل لأن حتى المعطى الإحصائي قد يكون هو نفسه، ميتا لكن من الممكن إحياؤه من خلال جلب الرقم المستقبلي والاعتماد على توقعات بالاستشراف لآفاق 2030 وهكذا، حيث بجمع 3 منتجات تتكون لدينا منظومة اليقظة».
وتمثل فكرة اليقظة استراتيجية مساعدة للحكومة في بناء سياسات وبالتالي السياسات الثقافية لوزارة الثقافة تكون مبنية على هذه الرؤية وهي رؤية المخزون ورؤية التدفق، وهذا يساعد كثيرا لأن القرن القادم سيكون قرن الفكرة الثقافية، كما وختم مصيطفى تدخله هذا بتقديم مجموعة توصيات عملية من ضمنها إنشاء جمعيات متخصصة في حفظ التراث، إرساء سياسة وطنية لترميم القصور وترميم التراث، إدراج القصور والمدن التاريخية الإسلامية في منطقة المغرب العربي وشمال إفريقيا ضمن الفضاء الإنساني.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024