قراءة في ديوان «نسيج خواطري» لمراد عمرون

المزج بين المقاصد والألفاظ في تعامل النّصوص مع ذواتها

صدر للكاتب والشاعر مراد عمرون ديوان «نسيج خواطري» عام 2010، وهو عبارة عن فسيفساء من القصائد النثرية وقد مهّد الديوان مقدمة شاملة وإذا تأملنا محتوياته، ألفينا قصائده متصلة بمواضيع آنية، حاول من خلالها التطرق إلى مسائل في غاية الأهمية.
تنتمي قصائد مراد عمرون إلى ما أصطلح عليه بالقصيدة النثرية، حيث تمرد في هذا الديوان على التقاليد القديمة للقصيدة العمودية ومنه تحرر من القوالب والبحور، وبه كان أكثر جرأة مندفعا لفكرة «لا معنى لشعر يذبح على نصب الأوزان والقوافي «لأن بإيواء الشاعر لكلمات وعبارات ليس لشيء سوى لإتمام الوزن أو للإتيان بالقافية، وهذا لا يوجد في عصرنا، أين المتلقي يبحث عن عذوبة كلام وتلقي بأقل تكلفة
لقد إختار الشاعر عنوانا مثيرا «نسيج خواطري» يغري القارئ ويثير في ذهنه جملة من الأسئلة. ويروم الشاعر عن مدى تأثره بالمواضيع التي تناولها، أول قصيدة «رميت الحذاء» وهي عبارة عن تلميح إلى الصحفي الزايدي منتظر الذي دخل التاريخ من بابه الواسع، ومن خلاله أسس طرحا جديدا مداره حول حرية الصحفي وجرأته واعتبار مهنته إنسانية بامتياز، ذلك وأن فيها مضامين توحي الى العروبة و مأساة العراق الشقيقة، كما يطرح مراد عمرون إشكالية الهجرة غير الشرعية أو بما يسمى «الحراقة «ولم يتناول فيها أبعادها فحسب وإنما قدم تصوره لهذه القضية لتوعية الشباب على وجوب الابتعاد عن هذه السلوكيات وكذا المأزق الاجتماعي وكل المحن التي تتوافد جراء هذه الهجرة.
اهتم أيضا بقضية «هجرة الأدمغة» من خلال قصيدة مؤثرة والمعنونة «الرحيل»، وفي هذا السياق ناظر بين البقاء والرحيل أين تتحول فكرة الحرية إلى أداة تتجلى فيها فكرة الفرار موصولة بفكرة متعلقة بالمجال الماورائي، فالحرية لا تعطى بل تكتسب.
إنتقل الشاعر الى الأم الحنون والتي عبر عنها بصدق،وأن قراءة كلامه لا يحتاج لتدقيق لقوة مشاعره وتدفق عباراته ومفرداته، ولم يتناسى الكاتب الشاعر ملف فلسطين الجريحة، فلقد تميزت قصيدة «غزة ابدية الانتصار» في هذا الديوان لما فيها من نفوث براكين الغضب، فلقد حظيت بعناية خاصة وكما يقول الشاعر: «لا يمكن أن أتصور نفسي يوما أكتب دون التطرق إلى فلسطين ومعاناة الإخوة الفلسطينيين وفي تقديري يجب أن تعالج هذه المأساة في كل الدوائر الأدبية والثقافية إلى جانب المحافل السياسية الدولية».
تميز أسلوبه بتصميم المفاهيم وفق الموضوع واستعمل وسائل وأدوات تقنية وفنية وأدبية تتناسب مع كل قصيدة، فرغم أنها نصوص نثرية إلا أنها تملك جمالها البلاغي التي تحرك النفوس، كما تمتاز كتاباته بالمزج بين المقاصد والألفاظ وإضفاء رونقا و بهاءا لمواضيع مأساوية. وفي ضوء روح النصوص بدا جليا أنه تعامل مع المواضيع بجد بعيدا أحيانا عن الرؤى التقليدية العقيمة، فكل قصائده عبارة عن نداءات وإيحاء إلى وعي جديد وإلمام بمسائل متعلقة بالحقوق والحريات.
وختاما إن ديوان «نسيج خواطري» حافل بالصور الشعرية وبأنواع الانزياح، كما أنه جل قصائده فيها ما يكفي من الإيقاع الداخلي والجرس الموسيقي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024