دافع عن الإسلام وحارب التطرف بكل أشكاله

مالك شبل الحلقة المفصلية في تاريخ الفكر الإسلامي الحديث

نور الدين لعراجي

- الأحكام الجاهزة اختصرت الإسلام في كونه يكرس الإرهاب
- الاجتهاد الإنساني بعيدا عن الجدل العقيم المفسد لروح الأمة

شكل حضور مالك شبل حلقة مفصلية في تاريخ الفكر الإسلامي من خلال أطروحاته الجديدة تارة وبالتميز عن كل ماهو سائد ومألوف تارة أخرى، عكس ما ألفناه من أحاديث في الحضارات وحواراتها التي قال بشأنها مالك شبل إنها عبارة فارغة لا تفيد بأي معنى وظل الفيلسوف شبل يمتهن سلطة الاقناع بالبحث والتدوين في أمهات الكتب، دارسا ومتفحصا لماضي الحضارات المتعاقبة، مستلهما منها دروس الحاضر، وإن كان المفكر شبل شكل ظاهرة فريدة في العالم الإسلامي برمته، بل امتدت أبحاثه ومداخلاته إلى أقطار بعيدة عن القارة العجوز، وامتد وذاع صيته إلى الولايات المتحدة الأمريكية أستاذا ومدرسا في أكبر معاهدها، وفي آسيا وفي كندا وغيرها من الدول والأمصار الأخرى.

الفيلسوف شبل وعلى مدار ثلاثة عقود من الزمن كشف الكثير من المسائل الجوهرية مانحا إياها صفة الحداثة دون أن ينسى التراث الإسلامي الممتد منذ أكثر من أربعة عشر قرنا ، وإن كان الراهن الإسلامي  يطرح الكثير من الأسئلة فإن شبل ساهم بقدر كبير في كشف النوايا السيئة لضرب الدين الإسلامي كمنهاج عالمي وبين الشريعة الإسلامية التي هي ميثاق من القواعد والأدبيات ، قدمها من زاوية مستقلة برؤية أكاديمية بعيدا عن الذاتية والنزعة، مبتعدا عن ثنائية المحاباة والمعاداة .
وبنظرة أكثر استشرافا قدم المفكر والأكاديمي مالك شبل العديد من الرؤى المتعلقة بالحضارة الإسلامية كموسوعة من الأفكار بحكم أنه الباحث  في أصول الأشياء من السلوكيات إلى المعتقد إلى السيرة والوعي والأخلاق وهذه الأخيرة ليست قيمة مطلقة على الدين الإسلامي، بل تضم كل الديانات السماوية التي دعت إلى جوهر التسامح .
إلى جانب المميزات العديدة التي جعلت منه موسوعة ومرجعا في فكر الحضارات الإسلامية، اهتمامه الكبير وحرصه الدائم على تناول الجزئيات في مسائل الأمة وتوجدها وعلاقاتها مع الآخر، ما مكنه من الولوج إلى فاصل مهم في تاريخنا الإسلامي غير المتناول .
وعلى غرار المسائل الأكثر إثارة للجدل العقيم والمفرط التي أفسدت روح الأمة وغيرت من نظرتها في التعامل مع الآخر، راح مالك شبل يشرح مسائل عدة من بينها مسألة الخطاب الداعي إلى العنف والخروج عن السلطان وإلى التطرف، فأظهر هذا الأخير حنكة وقدرة في
الإسلام هو التسامح والعودة إلى الله
التعاطي مع الفتاوى الجاهزة حيث حاربها من منطلق أن الدين هو التسامح والعودة إلى الله، رافضا بذلك كل الأسباب الداعية إلى ذلك، مسكتا الأفواه بالبرهان والحجة الدامغة .
ظل مالك شبل يشكل حالة من الاجتهاد الإنساني، الباحث في أسوار التاريخ المتعدد، شارحا الإسلام السياسي، مانحا بعض الأوجه الخفية من معاناة الأمة التي غرقت في مسائل هامشية ونسيت حقيقة وجودها الأولى أنها كانت خير أمة أخرجت للناس .
ويمكن الإشارة إلى أن الفيلسوف مالك شبل وخوفا من أن تتحول أفكاره في تحديد المفاهيم والمصطلحات خطأ أو تؤول مخرجات أفكاره إلى سجال عقيم أو جدل قد يفضي إلى نقطة انسداد، تجنب الغوص في مثل هذه الأمور، لكنه واجهها بالبينة والبرهان والدليل، تاركا خلفه الأحكام الجاهزة مبرزا الاجتهادات.
فلماذا تفرض هذه الأمة منطقها على الغرب وتصر على جعله تابعا لها، في المقابل هو لا يريد إقامة جسور معها، في هذا الشأن تساءل مالك شبل قائلا كيف يحدث ذلك، والغرب لا يريد مشاركتنا في حواره، وعليه ليس بمقدورنا فرض السيطرة والرقابة عليه، لأن الأمر فصل فيه نتيجة التهاون والخروج عن عقلانية الحوار، إلى أن باتت الأفكار الجاهزة المسبقة تختصر الإسلام في كونه يكرس الإرهاب والعنف والجماعات المسلحة من القاعدة إلى داعش الإرهابي، بل أن الاسلام بعيد كل البعد عن ذلك وإنما تصرفات بعض المستسلمين أساءت للدين محاولة جره إلى متاهات غيرت صورته الحقيقية التي ارتضاها الله لعباده جميعا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024