عشية الإعلان عن مؤسسة «مالك شبل»:

يشيد بالرؤية الجزائرية المعتدلة والمتسامحة

أسامة إفراح

«روح قرطبة»... الصورة المثلى لمواجهة التطرف والعنصرية

لعلّ ارتباط ميكائيل شبل بمجتمعين مختلفين هما المجتمع الجزائري والفرنسي، مكّنه من نظرة مختلفة الزوايا إلى ما يشهده العالم من أحداث. يحدّثنا نجل المفكر الراحل مالك شبل عن المعركة اليومية التي يخوضها الفرنسيون المسلمون ضد محاولات التشويه الإعلامي التي تطال دينهم وتربطه بالعنف والإرهاب. كما يعبّر عن قلقه من صعود اليمين المتطرف، وهنا تظهر أهمية الرؤية الجزائرية التي تمثّل حسبه «روح قرطبة»، مثال التسامح والتعايش.
دعونا ميكائيل شبل إلى الربط بين خطاب ورسالة مؤسسة «مالك شبل»، والأوضاع التي يعيشها العالم وعلى رأسها ظاهرتا الإرهاب والتطرف، التي يتمّ إلصاقهما قصدا أو عن غير قصد بالإسلام، وهي الصورة التي حاول مالك شبل جاهدا تصحيحها. أجاب ميكائيل قائلا: «سنعمل على نشر رسالة السلام والحب والإنسانية، وإعطاء صورة إيجابية عن الإسلام.. مالك شبل أوجد عبارة «إسلام الأنوار» في إعلان تعهد فيه بالقول للعالم بأن الإسلام هو دين سلام، وبأن هنالك إصلاحات حدثت عبر مختلف العصور».
وأضاف: «التقيت اليوم (اليوم الذي استضفنا فيه ميكائيل شبل بالجريدة) بمسؤول مديرية الشؤون الدينية وقال إن رؤيتنا هي اقتراح نموذج قرطبة أو ما أسماه «روح قرطبة»، وأنا والمؤسسة وفكر مالك شبل نجد أنفسنا تماما ممثلين في هاتين الكلمتين.. «روح قرطبة» عبارة تحمل الكثير من الرمزية لأنها تعبّر عن فضاء سيطر عليه الغرب ثم المسلمون أين بلغ الفن والثقافة والتعايش درجات متقدمة.. حينما نشاهد القصور والمباني الرائعة التي شيّدها المسلمون هناك نتعرّف فيها على ذوق مرهف، وعلى الرقي الذي بلغته الحضارة العربية الإسلامية وإشعاعها عبر العالم».
واعتبر ميكائيل أن المؤسسة، التي تحمل اسم والده، «تركز على هذه الفكرة وتحاول إبراز الجوانب الجيدة وإنجازات الحضارة العربية الإسلامية، فنها، إتقانها، مهاراتها، وما يحمله لنا فنّ الخط والهندسة ومبانيها وقصورها، وفي قلب هذه الحضارة نجد الإسلام، هذا الأخير يحتل حيزا كبيرا على المستوى الإعلامي، بسبب كل هذه الأحداث المؤلمة التي تقدم صورة جدّ سلبية عن هذه الديانة، وبالخصوص في فرنسا، حيث نجد 30 بالمائة من النشرات تتحدث كل مساء عن قاتل مسلم، ويفعلون كل شيء لربطه بالدين الإسلامي، وهي فعلا معركة نخوضها يوميا، ونحن قبالة آلة يصعب مواجهتها، ونحن هنا نحاول أن نعتلي المنبر ونسمع صوتنا ونقول إن الإسلام دين حضارة وقد عرفنا عصورا ذهبية، حضارة كان لها إشعاعها على العالم وأن الغرب لديه الكثير مما يتعلّمه من الشرق».
سألنا ميكائيل عن رأيه في ظاهرة صعود اليمين المتطرف، وعمّا يجب القيام به في هذا الصدد فأجاب: «صحيح أن الأوضاع مزرية.. اليمين المتطرف ما فتئ يسجل تقدما، واللاتسامح بلغ مستويات تثير القلق، ونحن نحاول نشر خطاب مصالحة وتعايش، وللجزائر خبرة في مجال المصالحة الوطنية، ونحن نأمل تصدير هذه الخبرة والجانب الروحي الهادئ».
واستشهد ميكائيل شبل بأرقام أنتربول التي تقول إن 2500 عنصر انطلق من فرنسا للقتال في سوريا، مقابل 170 جزائري فقط. وهذه الأرقام ـ حسبه ـ دليل على أن الممارسة الدينية هنا بالجزائر تتّسم بالتسامح. «سنحاول إعطاء صورة أكثر هدوءً، ونروّج لما أسمته وزارة الشؤون الدينية «روح قرطبة».. نحن منخرطون في هذه الديناميكية، وهناك الكثير من الأمور الإيجابية التي يتمّ إنجازها، على غرار مسجد الجزائر الذي سيرى النور قريبا، والذي سيكون منارة إشعاع لإسلام متسامح، والدراسات الإسلامية في المنطقة، وستعود للجزائر العاصمة مكانتها المهمة في هذا الصدد كغيرها من المنارات المشعة في العالم الإسلامي». وأضاف: «سيكون مسجد الجزائر الشقيق الأكبر لمسجد باريس، الذي يهمنا كثيرا أن يكون جزائري على رأسها. في هذا التبادل بين الثقافات، نفكر في العمل على شقين، الأول هو نشر هذه الصورة المشرقة لتسامح الإسلام، ومن جهة ثانية التأسيس لنظام جامعي، وهو ما نتناقش حوله مع جامعة قسنطينة التي هي من أكبر الجامعات الأفريقية، وقسنطينة حاضرة من حواضر العالم الإسلامي.. نعمل في إطار هذه الرؤية والمشاريع الكبرى التي تطلقها الجزائر، لإعادة إعطاء تصور يحتاجه الفضاء الثقافي في هذه الظروف. سنحاول المشاركة بما استطعنا في هذا المجهود الإنساني».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024