دعا إلى دراسة إسهاماتها بعيدا عن القراءات المؤدلجة

بن ساعو يبحث علاقة جمعية العلماء بثورة التحرير

أسامة إفراح

«جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والثورة التحريرية: حقائق التاريخ وأوهام الإيديولوجيا».. هو عنوان الكتاب الذي ألّفه أ.محمد بن ساعو، وأصدرته دار الأمة في 228 صفحة، يتطرق فيه صاحبه إلى سؤال كان محور جدل تأريخي حول دور جمعية العلماء في الثورة، وحقيقة مساندتها أو معارضتها لها، ودورها قبل ذلك في الحركة الوطنية ومناهضة الاستعمار، وإن هي طالبت بالاستقلال أم أنها اكتفت بدورها التربوي الإصلاحي.
يطرح محمد بن ساعو هذه التساؤلات بطريقة مباشرة، وفي هذا الصدد يقول في مقدمة الكتاب إن المتتبع للنقاش «يجد نفسه بين موقفين، وأمام هذين الموقفين وجدنا أنفسنا ملزمين بطرح الموضوع في إطاره التاريخي بعيدا عن الإيديولوجيات للوصول إلى أرضية يمكن الانطلاق من خلالها في دراسة الموضوع دراسة تاريخية موضوعية أكاديمية».
قبل ذلك، وفي تصدير هذا الكتاب، يقول أ.د.مولود عويمر، إن هدف الجمعية الدائم كان «بناء العقل المتمرد على الاستعمار وصناعة ذهنية مقاومة لمشروعه الحضاري». كما أثنى عويمر على الكاتب/الباحث لاعتماده على مصادر ومراجع كثيرة «ساعدته على معالجة الموضوع من زوايا متعددة».. فيما يزال أرشيف الجمعية متوزعا بين الجزائر وفرنسا ودول عربية، ومحتكرا عند العائلات والأشخاص.
جاء تقسيم الكتاب منهجيا معتمدا على معيار الكرونولوجيا إلى حد كبير، حيث خصّص الكاتب الفصل الأول للحديث عن توجهات وأهداف جمعية العلماء، ومواقفها السياسية وعلاقتها من الصوفية، وموقف الإدارة الاستعمارية منها. أما الفصل الثاني فخصّصه المؤلف لما أسماه «الاتجاه الاستقلالي للجمعية ومساهمتها في بناء قاعدة الثورة»، ويقول في هذا الشأن إن الجمعية كان لها «دور هام في تهيئة أرضية الثورة التحريرية، ولولا العمل الذي قامت به قبل الثورة لكانت أوضاع الثورة أكثر صعوبة وربما أقل تجاوبا».  يضيف أن الأستاذ موسى الأحمدي نويوات اعتبر بأن رحلة الشيخ الإبراهيمي إلى المشرق كانت رحلة تمهيدية للثورة بتعريفه بالجزائر ووضعها ما ساعد على استجابة العرب والمسلمين لثورتها. ناهيك عن كون الشيخ العربي التبسي ذا نزعة ثورية خالصة وقد تنبأ بتأسيس جبهة التحرير الوطني، يقول المؤلف.
في الفصل الثالث، يتطرق بن ساعو مباشرة إلى «موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من الثورة»، مقسما طرحة إلى موقف الوفد الخارجي، وموقف الداخل، والاتهامات الموجهة للجمعية بخصوص موقفها، وأسباب تأخر انضمامها رسميا للثورة. وعن هذه الأخيرة يقول بن ساعو، إن جبهة التحرير مثلت تيارا جديدا غير معروف حينذاك، وكذلك لم تُعرف الأهداف البعيدة والتوجهات الفكرية، خاصة تلك المتعلقة بالهوية. كما اعتبر بن ساعو بأن الجمعية مثلها مثل التيارات الأخرى لم تتمكن من تجاوز صدمة مجازر 8 ماي، مشيرا إلى الخلاف الحاد الذي نشب بين أقطاب الجمعية وهو ما انعكس على موقفها من الثورة.
 كان بن ساعو قد ذكر وجود جناح مؤيد للثورة على رأسه الشيخ العربي التبسي، وجناح آخر «متحفظ من العمل الثوري»، بالمقابل يتحدث المؤلف عن نسبة ضئيلة جدا عارضت الثورة، مثلتها ثلاثة مواضيع في «البصائر» أي بنسبة تقل عن 2 بالمائة، حسب ما جاء في دراسة جامعية لعبد الغفور شريف شملت ما نشر في «البصائر» من نوفمبر 1954 إلى أفريل 1956.
ويختم بن ساعو كتابه لفصل رابع عن انضمام الجمعية الرسمي للثورة في 07 جانفي 1956، وردود الفعل والنتائج المترتبة عن هذا الانضمام.
بغضّ النظر عن عنوان الكتاب أو موضوعه، أو النتائج التي خلص إليها، فإن الملاحظ هو سعة تاريخنا المعاصر وتعدد المواضيع والأحداث التي صنعته، ما يجعلنا نجزم بأنه مهما تعددت الدراسات والإصدارات، فهي لن توفي هذا التاريخ حقه من الدراسة، ما يجعل كل بحث علمي موضوعي مرحّبا به، خاصة إذا كان نتاج المدرسة التأريخية الجزائرية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024