بالكَادِ أُبصِرُ غيرَ المَوْتِ بالكَادِ
مُذْ أوقَدوا النّارَ في صَدْري لإِخْمادي
ماذا تبقّى وإنّي منذُ أوّلِها
لمْ أنجُ من حَرْبِ أولادي بأولادي
تحتَ الرّكامِ قضوا لكنّهم صَعِدوا
إلى السّماءِ خِفافاً دونَ أجسادِ
قالتْ دِمَشقُ لبغدادَ الّتي عَرفَتْ
بأنَّ جُرحَ دِمَشقٍ جرحُ بَغدادِ
دِماؤُنا لُغَةٌ فُصْحى يُخلّدُها
أنْ نستَعينَ على الإرهابِ بالضّادِ
تنجو الأيائلُ إذْ ترمي بنادِقُهُ
ويضرِبُ اللهُ صيّاداً بصَيّادِ
شَراهَةُ الموتِ بالأطفالِ مُسرِفَةٌ
كأنّهُ لِدِماهُمْ جائعٌ صادِ
مَنْ لَمْ يَمُتْ بشَظايا الحَربِ عاشَ سُدىً
وقد يَموتُ غداً من قلّةِ الزّادِ
لا ناقةَ اليومَ إلّا خافقي عُقِرَتْ
وما ثَمودُ سوى مَنْ خِلْتُهُ الحادي
يا صالحَ القومِ غَرَّ القَومَ غِرُّهُمُ
فاستَخْلَفوهُ، وجابوا الصّخرَ بالوادي
يا أيّها الشُّهَدا الأحياءُ في دَمِنا
ما زالَ نورُكُمُ في ليلِنا بادِ
وقُبلَةُ الأمِّ للمولودِ تُشبِهُها
رَصاصةٌ لَثَمتْهُ ذاتَ مِيلادِ
سيبعَثُ اللهُ من أصلابِكمْ أُمَماً
أجنادُها حين تُدعى خيرُ أجنادِ
وكيفَ لا يُتّقى قومٌ صَغيرُهُمُ
يقودُ أعظمَ جيشٍ غيرَ مُنقادِ
مُسَوّمينَ يَسومونَ العِدا لَهباً
ويستَردّونَ أمجاداً بأمجادِ
ليسوا ضِعافاً لكي يَستضعِفوا أحداً
لكنّهم بَهَتوا المُستَضعِفَ العادي
سيوفُهم في رِحابِ السّلمِ مُغمَدةٌ
وفي رحى الحربِ ليستْ ذاتَ أغمادِ
دِمَشْقُ يا أمَّ مَنْ أهوى سَرابَهُمُ
ولو هَواهُمْ قَضى عنهم بإبعادي
سأقتَفيهِ إلى أنْ ينتهي أجَلي
وما المَسافةُ إلّا خَطُّ أَلحادِ
فإنْ أصلْ فَمُقامي بينَهمْ أبداً
وإنْ أمُتْ فمَقامي بينَ أجدادي
العاشقينَ تُرابَ الأرضِ، مُذْ جُبِلوا
بمائِها وسَعوا عُمْراً لإيرادي
عَمّدتُ قلبيَ باسمِ الحُبِّ في بَرَدى
فطارَ إذْ خَفَّ من حزنٍ وإجهادِ
للياسَمينِ شَذىً - أيدٍ - تُلوّحُ لي
فلا أزالُ بقَلبٍ رائحٍ غادِ
وأجمَلُ الوَصْلِ يأتي بعدَ مُفتَرَقٍ
وأصدَقُ الوصْلِ يأتي دونَ ميعادِ
فِدىً لعينيكِ ما يُفدى بأعيُنِنا
فاستَبشِري...الحزنُ قدْ يُفضي لأعيادِ!
