نفتتح قراءاتها لهذا الشهر الفضيل بكتاب صادر عن دار الهدى تحت عنوان «الأستاذ عبد الرحمن شيبان رحمه الله: المجاهد المربي المصلح الأديب». الكتاب الذي أشرف عليه الأستاذ الدكتور عبد الله بوخلخال، والصادر سنة 2016 في 350 صفحة، هو مجموعة من المقالات ألّفها أساتذة وباحثون جامعيون، وزّعت على عدد من المحاور والفصول، على غرار فصل مخصص لحياة عبد الرحمن شيبان وشخصيته، وآخر تطرّق إلى جهوده في ميدان التربية والتعليم، وثالث عن جهوده في ميدان الإصلاح، ورابع عن اهتماماته بقضايا الأمة، وخامس عن آثاره، أما السادس فجمع شهادات لكل من د.عبد الرزاق قسوم، وأ.حمزة بدوغي، والشيخ كمال بوسنة، وأ.محمد الهادي الحسني، وقصائد كتبت عن عبد الرحمن شيبان جمعها أ.محمد الصديق بن محمد الطاهر قادري.
ومن الفصل الأول، ننهل بعضا مما كتبه الدكتور عبد الكامل جويبة من جامعة المسيلة، والدكتور بشير فايد من جامعة سطيف، حيث تطرقا إلى جانب من حياة هذا المربّي الذي قد تتلخص معرفة كثيرين له في ترؤسه جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
هو من مواليد 23 فيفري 1918 ببلدة الشرفة دائرة مشدالة التابعة لولاية البويرة.. خرّيج الزاوية السحنونية التي حفظ فيها القرآن وتلقى مبادئ العربية والفقه.. تتلمذ على يد الشيخ عبد الحميد بن باديس، ثم درس بالجامعة الزيتونية سنة 1938، ونال بها شهادة التحصيل في العلوم سنة 1974. ترأس جمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين، وعمل أستاذا بمعهد بن باديس بقسنطينة، والتحق بجريدة «المقاومة الجزائرية» لسان جبهة التحرير الوطني، وهي أول صحيفة جزائرية صدرت أثناء الثورة التحريرية، في كلّ من فرنسا والمغرب وتونس، وعمل فيها رفقة محمد صالح الصديق، وكان يكتب في باب خاص عنوانه «صفحات خالدة من الإسلام».. عيّن مستشارا لبعثة الثورة الجزائرية بطرابلس، وبعد الاستقلال انتخب عضوا بالمجلس التأسيسي، وكان من أعضاء اللجنة المكلفة بإعداد الدستور الجزائري.. عمل مفتشا عاما للغة والأدب العربي والتربية الإسلامية، وصدر على يديه ما يقارب 20 كتابا تربويا في القراءة والأدب والبلاغة والعروض والتربية الإسلامية، كما تولى عدة مرات رئاسة لجان امتحان البكالوريا.. كما ساهم في مسعى اعتماد اللغة العربية لغة خامسة رسمية لهيئة اليونسكو في ستينيات القرن الماضي.
تولى منصب وزير الشؤون الدينية من 1980 إلى 1986، أعاد خلالها إحياء مجلة «العصر» الاسبوعية، وقام بطبع آثار الإمام عبد الحميد بن باديس، التي صدرت في ثلاثة أجزاء هي «مجالس التذكير في كلام الحكيم الخبير» (1982)، «مجالس التذكير في حديث البشير النذير» (1983)، و»رجال السلف ونساؤه» (1984)، كما أشرف على تنظيم ستّ ملتقيات سنوية للفكر الإسلامي، وألّف العديد من الكتب.
وفي مقال عنوانه «نهج التعليم عند عبد الرحمن شيبان وسبل المحافظة على المقوّمات الجزائرية»، يلخص الدكتور محمد بودبان من جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة منهج الأستاذ شيبان التعليمي للغة في مجموعة من النقاط، أهمها «مراعاة الاستعدادات السابقة للبناء» بمعنى اعتماد مبدأ التراكمية، و»ربط المعارف بعضها ببعض وإحداث التكامل فيما بينها»، و»تنويع أساليب إيضاح النص بالأمور الخارجة عنه»، و»خلق العلاقة بين قارئ النص وبين منتجه»، و»تكوين الثروة اللغوية للتلاميذ»، و»التدرّج في استكمال المطلوب»، و»تشويق المتعلمين إلى آفاق المطالعة الرحبة»، و»قيم الأمة غاية التعليم»، و»لا تعليم قويّا إلا بمعلم قويّ»، وأخيرا «العرفان التاريخي».
(يتبع)