«نحــن لا يسمعونــنا إلا حينمـــا نغنّي»
سنوات من العطاء الفني والإبداعي تلك التي قدّمها الفنان الراحل عبد الحميد عبابسة، ومع ذلك، تؤكد لنا ابنته عايدة، حين نزولها ضيفة على جريدتنا، بأن والدها لم يلق تكريما أو تنظيم ذكرى له طيلة الـ19 سنة التي تلت وفاته. من أجل ذلك، تسعى عايدة إلى تكريم هذا الفنان الفذ وإعادة إحياء اسمه، من خلال الأعمال الفنية التي ستقدمها، أو عن طريق حدث تعمل على تنظيمه في الأشهر القادمة.
هل سيكون التمثيل نافذة تعيد منه خلالها عايدة عبابسة إحياء ذكرى والدها الفنان الكبير عبد الحميد عبابسة؟ هو السؤال الذي طرحناه على الفنانة عايدة عبابسة، التي أجابتها وعلامات التأثر بادية على محيّاها، وقالت: «أقسم بالله إنني لم أدخل هذا المجال إلا من أجل اسم أبي الذي تعرّض للتهميش، ومضت أكثر من 19 سنة وهو ميت ولم تنظم له إلى يومنا هذا ولو ذكرى واحدة أو تكريم، دون أن أنسى التهميش الذي تعرضت له أختي فلة ولست أدري من السبب في ذلك».
أضافت عايدة بأنها وجدت عراقيل كبيرة، خاصة وأنها عاشت طويلا خارج الجزائر، كما أنها متسامحة جدا وزاهدة في الظهور ولم تبحث عن الشهرة أو غيرها، ولربما لو أطلقت صوتها لضاهت أختيها فلّة ونعيمة، تقول، قبل أن تضيف: «ولكنني فضّلت أن يكون لدي ذلك الحضور المثقّف، وهذا من أجل والدي.. نحن عائلة مظلومة ولا نقاش في هذا الموضوع، ولكن أتمنى من كل قلبي أن أتمكن من تنظيم تكريم لأبي، وهو الهدف الأول لما أقوم به».
تقول عايدة عبابسة إنها عاتبت أختيها على عدم تنظيم أي تكريم للفنان عبد الحميد عبابسة، لأنه حتى وإن نسيه الناس فإن المثل يقول: «الّي خلّف ما ماتش»، خاصة وأنهما تملكان الإمكانيات والفرص والمناسبات لتكريم والدهما والحديث عنه.
تسترسل عايدة في حديثها عن أبيها: «لقد توفي والدي في أحضاني، وكنت المفضلة لديه في بناته إذ كان يعتمد علي كثيرا.. وأذكّر الناس بأن هذا الرجل وهب عينه للجزائر، حينما عذبته سلطات الاستعمار الفرنسي وحرمته من عينه، كما وهب نفسه للثقافة الجزائرية وقدّم لها الكثير، بل إن العائلة كلها يسري الفن في عروقها ويجري مجرى الدم، عائلة فنية مثل عائلة عبابسة تجد أقل عضو فيها يتقن على الأقل الدربوكة والإيقاع، ناهيك عن الأصوات، فكيف تهمّش عائلة كهذه؟ تتساءل ضيفتنا، التي استشهدت بجملة قالتها إحدى أخواتها: «نحن لا يسمعوننا إلا حينما نغنّي».
أضافت عايدة بأن أختها فلّة تعرّضت لوابل من الإشاعات، ما ألزمها بيتها لسنوات طويلة، واستشهدت بقول الله عزّ وجلّ في كتابه الكريم: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ». تساءلت كيف تتعرّض لمثل هذا من تحمل لقب «سلطانة الطرب العربي»، ولم يحصل غيرها على مثل هذا اللقب بعد وردة الجزائرية: «أنا لا أدافع عنها لأنها أختي، فأنا أتألم أيضا لحسيبة عمروش وأمثالها من الفنانين، وقد كلّمت السيد الوزير في هذا الشأن وأن يتم تأسيس جمعية أو اتحاد لهم».
أكدت عايدة عبابسة سعيها لتنظيم تكريم «سبق وأن طالبني الحاج الطاهر الفرقاني بتنظيمه قبل أن يموت لأنه كان يرى في والدي أخا له». وفضّلت عايدة عدم تحديد تاريخ بعينه لهذا التكريم، ولكن أغلب الظن أنه سيكون في عيد ميلاده بتاريخ 15 ديسمبر المقبل.. أشارت عايدة إلى أنه «في عيد وفاته الذي صادف الـ15 من ماي لم يتمّ ذكر اسم الفنان عبد الحميد عبابسة»، كما أشارت إلى المسلسل الجديد عن حيزية الذي لم يأت على سيرة الفنان عبابسة صاحب أغنية «حيزية» الشهيرة.
«أنا لا أطمع في الشهرة ولا أسعى وراءها»، تقول عايدة عبابسة، التي تعتبر بأنها أصلا تحمل اسما لا يحتاج إلى مزيد من الإشهار وهذا يكفيها، ولكنها أشارت بأن من تعامل معها من منتجين كان بإمكانه الاستفادة أكثر من هذا الاسم العائلي المعروف في سماء الفن والإبداع. سألنا عايدة عبابسة عن السبب الذي يمنعها من فتح شركة اتصال أو إنتاج فني خاصة بها، واستشهدت في إجابتها بالمثل القائل: «اعط الخبز لخبّازه»، وأضافت: «نحن فنانون ولسنا منتجين».