احتلّت مرتبة متقدّمة ضمن عشر دول إفريقية

الجزائـر المنتصـرة..أرقـام عليـا فـي تصنيـف البنـك الـدولي

فضيلة بودريش

 

  التنويــــــع الاقتصـــادي.. مســــار تصاعـــــدي تدعمــــه الإصلاحــــــات المعمّقـــة
 الاقتصاد الجزائري ينتقل إلى مرحلـة النّمــــو النّوعـــي والاستقــــرار النّقــــدي

أدرجت مجموعة البنك الدولي الجزائر ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، للسنة الثانية على التوالي، وذلك في تحديثها السنوي لتصنيف اقتصادات الدول الأعضاء، تزامنا مع افتتاح سنتها الجبائية التي تمتد من 1 يوليو إلى 30 يونيو الموالي، وبحسب ذات التصنيف، تعد الجزائر من بين عشر دول إفريقية ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، على غرار جنوب إفريقيا والغابون، كما جاءت إلى جانب كل من إيران وليبيا والعراق بمنطقة “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان”.

 تموقعت الجزائر مجدّدا صدارة تصنيف البنك الدولي، بعد أن احتلت مرتبة متقدمة ضمن عشر دول إفريقية المتوسطة الدخل، وتقدّمت كثيرا في ترتيب هذه المؤسسة المالية العالمية المرموقة، على بلدان القارة السمراء، وليس جديدا هذا الترتيب الايجابي والتحسن الكبير في الأداءات الاقتصادية والاجتماعية بالجزائر، باعتبار أنّ أغلبية مؤشرات المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية تنظر في الوقت الراهن بإيجابية، واستحسان كبير لمسارات النمو ولجهود الإصلاحات العميقة والجذرية في الجزائر المنتصرة.
إنّ تقدّم الجزائر في تصنيفات مالية دولية يستمر في ضوء جهود تنموية شاملة، ورؤية اقتصادية إستراتيجية تنبع من مشروع تنموي كبير، حقق الإقلاع التاريخي المنشود بسواعد جزائرية وعزيمة رائدة منحت للجزائر مكانة إقليمية وعالمية هامة، تعكس قدرات أكبر بلد عربي وإفريقي، بما يتناسب مع إمكاناتها المتنامية بشريا واقتصاديا.
وكشفت بيانات البنك الدولي لعام 2025، أن الجزائر حققت دخولا مرتفعة، رغم ما تواجهه القارة السمراء من تحديات اقتصادية لا يستهان بها، مدفوعة بعجلة التنوع الاقتصادي، ومرتكزة على الاستثمارات المستدامة، علما أنّ هذا التصنيف الذي أبرز الوثبة الجزائرية المحققة، خاصة على الصعيد الإقليمي، يستند على منهجية “أطلس” الخاصة بالبنك الدولي، والمستعملة من أجل تقييم الشرائح الاقتصادية على الصعيد العالمي، إلى جانب توجيه سياسات التنمية والدعم الدولي.
تطوّر مستويات المعيشة
 في خارطة هذا التصنيف العالمي، تتواجد الجزائر ضمن تسع دول في الشريحة العليا، وشهد هذا التصنيف الرفيع للجزائر بوفرة الموارد الطبيعية المتنوعة على غرار النفط والعديد من المعادن، أبرزها الحديد والنحاس والزنك، إلى جانب حيوية نشاط  قطاعات الخدمات مثل التمويل والاتصالات والسياحة، ونمو ملحوظ في قطاع الصناعة، وهذا ما يمكن على ضوئه توقّع أن تتطوّر مستويات المعيشة أكثر مستقبلا لتمس مجالات اجتماعية كجودة الصحة والتعليم، وتوفر مناصب الشغل وتراجع معدلات البطالة.
وتبوّء الجزائر رتبة متقدمة في قائمة الدول الإفريقية، يمكن إرجاعه لسلسة من العوامل الأخرى، يتصدّرها الاقتصاد المتنوع، واتجاهه صوب منحى التقدم والاستقرار، إلى جانب انخفاض تكلفة المعيشة، على خلفية أنها منخفضة نسبيا، وهذا ما يسمح بتعزيز القدرة الشرائية على المستوى الاجتماعي.
ومن جانب آخر، شكّل الاستقرار النقدي الحلقة الأقوى في هذه المعادلة المتينة، فالاقتصاد الجزائري يتمتع باستقرار نقدي، وأفضى هذا العامل الجوهري إلى ترسيخ الثقة في العملة المحلية ومنعها من الانزلاق.
وفي قراءة أولية متأنية، يمكن استشراف أن هذا التصنيف جاء ليعترف أن الاقتصاد الجزائري عرف تطورا محسوسا وتحسنا إيجابيا، ولديه القدرة على المنافسة الخارجية وكذا النمو على صعيد الدخل والقدرة الشرائية. ومن الطبيعي أن تنعكس هذه المؤشرات على جاذبية كبيرة أصبحت تميزها على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وهذا ما جعل الشركاء يتدفّقون عليها، بعد أن تحولت إلى سوق استثمارية مهمة باقتصاد واعد ينمو بشكل مستدام.
إحصائيات وفق المعايير الدولية
 جدير بالإشارة، إلى أنّ خارطة التصنيف العالمي الجديدة، ووفقا لتصنيف عام 2025، فإن عدد الدول المصنّفة عالميا ضمن فئة الدخل المرتفع قدر بما لا يقل عن 93 دولة، وجاءت 55 دولة في الشريحة العليا من الدخل المتوسط، و50 في الشريحة الدنيا، و25 دولة ضمن فئة الدخل المنخفض.
وكانت الجزائر في السنوات الماضية قد بذلت كثيرا من الجهود، أسفرت عن مراجعة شاملة لإحصاءات الحسابات القومية من جانب مكتب الإحصاء الوطني لتتماشى مع المعايير الدولية الحالية. وكما سمحت عملية إعادة الضبط إلى تعديل تمثل في زيادة مستوى إجمالي الناتج المحلي (بنسبة 13.3 بالمائة في المتوسط عن السنوات 2018-2022) بفعل التوسع في تقديرات الاستثمار لتشمل البحث والتطوير، وكذا تحسين طرق قياس الإنتاج على مستوى الإدارة العامة، وسهرت الجزائر - بالموازاة مع ذلك - بشكل جدي، على تحسين عملية تغطية الاقتصاد غير الخاضع للمراقبة.
وردّ تصنيف البنك الدولي، التطور الجاري في الجزائر وتحقيق مؤشرات خضراء في عدد من القطاعات، إلى جملة الإصلاحات غير المسبوقة في المجال التشريعي والتنظيمي، وكذا الإصلاحات المعمقة على المستويات الاقتصادية والمالية والجبائية، وحالفه - في الوقت نفسه - انطلاق المشاريع المهيكلة الكبرى، وتوسيع الاستثمارات في مجالات الطاقة والمناجم، وبناء قاعدة صناعية متنوعة ما زالت تتّسع بشكل مستمر، مع التعويل على القطاع الخاص للعب دور متقدم في الدورة الاقتصادية، من خلال طرح الدولة لتحفيزات وتسهيلات ترمي إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال، وتشجيع خريجي الجامعات على الانخراط الجدي في النسيج الاقتصادي من خلال توجيههم وتأطيرهم، وتوفير التمويلات اللازمة لاحتضان المشاريع المبتكرة.
إدراج مجموعة البنك الدولي الجزائر ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، للسنة الثانية على التوالي، يؤكّد سلامة وقوة النهج وحصافة الخيار، خاصة وأنّ الجزائر مرشّحة لأن تلتحق في غضون عام ونصف - على أقصى تقدير - بركب الدول الناشئة، منطلقة بسرعة تنموية أكبر، ونجاعة حاسمة لتنقل اقتصادها إلى أسواق عالمية أوسع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19837

العدد 19837

الخميس 31 جويلية 2025
العدد 19836

العدد 19836

الأربعاء 30 جويلية 2025
العدد 19835

العدد 19835

الثلاثاء 29 جويلية 2025
العدد 19834

العدد 19834

الإثنين 28 جويلية 2025