«أكتب لألامس الحياة.. لأقدم تجارب لمن يقرأني.. أكتب لأقترب من قلب ومعاناة الآخر عبر أسطر من الإبداع ومساحات من المغامرة التي لا أدري كيف تبدأ وإلى أين تنتهي».
بهذه الكلمات تختزل الصحافية والروائية الواعدة فضيلة بودريش شغفها بالكتابة التي سكنتها منذ الطفولة أي منذ أن تعلمت خط الحروف وقراءتها، لتغوص في عوالم القصص حيث نشرت العديد منها في دوريات ومواقع عربية رائدة، قبل أن يغريها رواق الرواية، ويجذبها إلى فضائه السحري، فكانت أول رواية «ليل مدينة» التي صدرت عام ٢٠١٣ بالعراق متزامنة مع تظاهرة «بغداد عاصمة الثقافة العربية». وهي إن كانت قد تناولت جانبا مما عاشه الجزائريون خلال الأزمة الأمنية في العشرية السوداء، فهي أيضا كما قالت فضيلة بودريش تمثل ليلا لمعاناة أي مدينة في العالم يعصف بها الإرهاب ويعبث بأمنها واستقرارها.
أما الرواية الثانية فقد صدرت مطلع هذه السنة (٢٠١٧)، عن دار النشر المصرية «إبن رشد» تحت عنوان «شواطئ الثلج»، متزامنة هي الأخرى مع معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث نظم حفل بيع بالتوقيع للرواية التي بدأت من حيث انتهت«ليل مدينة» فرصدت سلوكات وحياة الجزائريين عقب الأزمة الأمنية، ووقفت عند تأثير مرحلة الإرهاب على نفسية الأفراد ويومياتهم.
«شواطئ الثلج» أبحرت في رحلة لا تخلو من التشويق والمغامرة، في مدينة محاصرة بالخوف، تعيش على وقع الضغوطات الرهيبة، حيث تفتح بطلتها «فرح» الطبيبة النفسية باب مدينة ترعاها الملائكة ولا تغادرها الشياطين، عبر رحلة بحثها عن براءة حبيبها الذي سقط أسيرا لدى جماعة «الديناصور» تاجر المخدرات.
خلال هذه الرحلة التي تجري أطوارها بمدينة «باب الواد» نقف على مكامن حياة الإنسان الجزائري في مرحلة زمنية صعبة، كما نقف أيضا على جمرة الحب المهزوم لـ «فرح».
وعن الدافع لكتابة هذه الرواية التي صدرت في طبعة جذابة، تقول بودريش، كل ما يؤثر في المجتمع يجعلني أتأثر به، لذلك رأيت بأن التحولات التي عرفها المجتمع الجزائري بعد عشرية الدم، تحتاج مني الإقتراب أكثر من خطوة، لألبس تغيرات الزمن فينا.. إنها رواية تعكس تعقيدات النفس البشرية التي تتكهرب عند تصادم الخير والشر.
الرواية ـ كما أضافت ـ تعرض في العموم تجارب مثيرة تستحق التذوق بمرها وحلوها.
«شواطئ الثلج» التي تمثل للمبدعة الشابة قفزة في أسلوبها بعد «ليل مدينة» هي رواية نفسية كتبت بحس فلسفي إجتماعي وبلغة تميل إلى الشعر، ما يجعل فضيلة بودريش من المبدعات المتميزات في كتابة الرواية السردية.
الصحافية والروائية بودريش التي تؤمن بأنها ولدت لأجل الكتابة، ومصرة على أن تظل تكتب حتى تنتهي المساحات البيضاء، تستعد لنشر روايتها الثالثة المرتبطة دائما بالوطن الذي يسكنها، وهي عن الثورة الجزائرية المظفرة، كما تفكر في كتابة رواية رابعة تحرص على أن تكون متميزة، ينبهر بهــــا القارئ وترتقي بالنص الروائي.