زياني شريف عياد يعرض ثمار شهرين من التدريبات

«بهيجة»... استقراء الماضي لبناء الحاضر والمستقبل

أسامة إفراح

كانت الصحافة الوطنية على موعد، أمس الثلاثاء. بالمسرح الوطني، مع عرض مشاهد من مسرحية «بهيجة»، الإنتاج المشترك بين المسرح الوطني الجزائر و»مسرح القوستو» من إخراج زياني شريف عياد، وأداء الفنانين: نضال، نسرين بلحاج، إسلام عباس، ومراد أوجيت.
تعود المسرحية، المقتبسة عن رواية ليلى عسلاوي، «من دون حجاب ومن دون ندم»، إلى العشرية السوداء وجراحها، لا إيقاظا للمواجع وإنما استخلاصا للعبر.
لعلّ أول ما لاحظناه في العينة من المشاهد التي عُرضت على الصحافة، هو عنوان العرض في حدّ ذاته: «بهيجة»... هذا الإسم جاء مناقضا تماما لكآبة المأساة التي عاشتها بطلة القصة، وفي ذلك نوع من الاستدلال بسخرية القدر... كما أن «بهيجة» تصغير كلمة «البهجة» وهي التسمية التي تطلق على الجزائر العاصمة، وفي ذلك أيضا رمزية واضحة للدلالة على البلاد وما عاشته في تلك الظروف الصعبة.
في أحد المشاهد تقول بهيجة (على لسان الفنانة نضال): «سقطت مدينتي ورجعت إلى العصور الوسطى»، وفي هذه العبارة دلالة على التقهقر والتراجع الذي عرفته البلاد بسبب أحداث الرعب التي شنّها الظلاميون في العشرية الحمراء وكادت تأكل الأخضر واليابس وتعصف بالدولة قاطبة.
ولأن المرأة هي الضحية الأولى في مثل هذه الأزمات، ولأن البطلة امرأة، وكاتبة النص الأصلي امرأة، فإن الجزائرية حاضرة بقوة في جنبات النص المسرحي، وبشكل خاص النظرة الدونية التي يرمقها بها الرجل في محيطها، وقد نسمع محمود أخ بهيجة (على لسان الفنان محمد إسلام عباس) يقول: «التحكم في بهيجة يكون بالخوف... ما ينفع غير هذا الشيء... الحكم بالخوف»... كما يقول في مقطع آخر: «وين يكونوا النسا يكونوا المشاكل»... وقد تكون هذه المقاطع أكثر قوة حينما ترددها بهيجة نفسها: «حتى لو كانت أختا وحتى لو كانت زوجة وحتى لو كانت أمّا، تبقى «حاشاكم... مرا»... طبعا قد يتبنى النص هذه الأقوال التي تنتقص من قيمة المرأة في المجتمع، بل وحتى من قيمتها كإنسان، ولكن سيرورة العمل الدرامي ككلّ تكوّن لدى الجمهور فكرة معاكسة للأقوال، وتنقض هذه الصور النمطية وتنكرها.

العرض الأول في 21 ماي المقبل

أكد لنا المخرج زياني شريف عياد، أن العمل على المسرحية قارب على الانتهاء ولم تتبقّ غير بعض الإضافات واللمسات، إلى جانب العمل على الإضاءة التي لها دور كبير في هذه المسرحية، ولكن كلّ شيء سيكون جاهزا للعرض الأول في 21 ماي المقبل.
من جهته، قال السينوغرافي أرزقي العربي، إن الفضاءات الفارغة وحركات الممثلين هي جزء من السينوغرافيا، التي لا يجب أن تختزل في الديكور، كما أن بعض عناصر الديكور التي رأيناها في هذه العينة من المشاهد هي كذلك أجزاء من السينوغرافيا، هذه الأخيرة قد لا نراها ولكنها موجودة، كما أنه لن يكون هنالك ديكور وإنما بعض الأعناصر التي تشكّل «الجملة المسرحية»، كما يقول أرزقي العربي.
«أنا من محبّي الركح العاري والفارغ، ومن محبّي روح الفرقة حيث الجميع يشارك، وحتى التقنيون حاضرين في البلاطو»، يقول زياني شريف عياد، مضيفا أن الموسيقى لن تكون حاضرة كثيرا، إنما هناك أصوات تساهم في الجانب الدرامي للعرض.
ويرفض المخرج المسرح، الذي لا يتحدث عن واقعنا وآلامنا وآمالنا، وهذا العرض فرصة للتطرق إلى واقع عشناه، والغرض ليس إعادة فتح الجرح وإنما للتحذير من العودة إلى تلك المأساة والسقوط فيها مرة أخرى، «لأننا إذا لم نضع كلمات وصورا على تلك الأحداث فإنها توشك أن تتكرر، خاصة وأن الأجيال الصاعدة لم تعش تلك التجربة ولا تعرف حقيقتها»، يؤكد لنا زياني شريف عياد.
واعترف المخرج، أنه كان متخوفا قليلا في بداية العمل من سيرورة هذه التجربة الأولى مع الممثلين، ولكن الأمور سارت على ما يرام ووصل الفريق يوما بعد يوم إلى التناغم المطلوب.
أما عن الكوريغرافيا والتعبير بالجسد، فإن زياني شريف عياد يعتبر ممثلينا، رجالا ونساءً، لديهم مشكلة في هذه النقطة، وهو ما عمل على تصحيحه الهادي شريفة، هذا الكوريغرافي ذو الخبرة الطويلة، الذي تلقى أول تكوين له في المجال مباشرة بعد الاستقلال، وأكد لنا الهادي شريفة أنه اشتغل على تحييد التردد والجمود الذي كان يعاني منه الممثلون، سعيا إلى انسيابية وتحرر أكبر في الحركة... أما الموسيقى فقد أريد لها أن تكون عالمية ولا تنحصر جغرافيا في الجزائر، يتعلق الأمر بمقاطع لكل من الإسباني إسحاق آلبينيز، الفنانة مليكة دمران، مندلسون، التركي عمر تكبيلاك والفنان إيدير.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024