أكد أن المثقف يملك عناصر القوة، المبدع طارق عتروس:

الشهرة دون ثروة لا تمنح الفنان مراتب متقدمة اجتماعيا

أجرى الحوار: صحراوي.ح

عدم تقدير الذات عائق يقلل من مساهمته في الاستحقاقات الوطنية
العصامية تقوم على الذات المبدعة

الفن رسالة اجتماعية نبيلة، تقوم على الاحساس العميق بما يعانيه المجتمع من قضايا وإشكاليات يتناولها من منظور ابداعي جمالي يقدم الى جمهور ذواق ايضا، يفك حبكة هاته الاعمال الفنية بعد اسقاطها على الواقع المعيش، هذا الواقع القريب من الفنان والبعيد عن الجمهور الذي في الغالب لا يفهم خصوصيات هاته القضايا التي يعيشها، كان من المفروض ان يندمج الفنان في صيرورة الحياة الاجتماعية عامة، لا أن يقف دائما على وصفها، وتجسيدها وتقديمها الى الجمهور، لان الفنان الذي فهم معنى الاحداث الجارية، كان من المفروض أن يكون طرفا فاعلا في صيرورتها، وهذاما نراه في مختلف القضايا الوطنية والاستحقاقات الانتخابية نجد دائما الفنان على الحافة يلاحظ ويساهم مساهمة حذرة، ترى على ماذا ينم حذر الفنان من ان يدخل معترك وغمار هاته الاحداث الجارية اذا كان هو اول من يفقه مجريات احداثها؟ هل يبقى دوره فقط لا يتجاوز تصميم الملصقات والشعارات والومضات الاشهارية، وكتابة البيانات والخطابات فقط؟ هذا ما سوف نراه من خلال هذا الحوار مع الفنان طار ق عتروس.
- «الشعب»: كفنان بأي نفسية تستقبل الأحداث الوطنية الجارية؟
 طارق عتروس: حقيقة سؤال مهم جدا، وموضوع مهم حول دورنا نحن الفنانين في مختلف الاستحقاقات الوطنية، غالبا ما تجد الفنان طرفا فاعلا في الحياة الاجتماعية، بل مرجعية للعديد من الشرائح الاخرى لفهم مختلف القضايا الجارية، لكن وظيفة الفن التي غالبا ما ترتبط بالابداع والتجسيد والبحث عن ماوراء هاته الاحداث تعطي للفنان نوعا من التشبع الذاتي الذي يتولد عن فهم ماهو جار سواء كان ذلك بالخطأ ام بالصواب، الامر الذي يترك الفنان في حيرة من امره، هل يدخل هاته الاحداث كطرف فاعل يساهم مساهمة عملية في تبوإ ادوار ضمن مختلف التشكيلات السياسية او الادبية او القيادية، او ان يبقى وفيا لمهنته النبيلة. كما نرى ايضا في الواقع مساهمة الفنان هي مساهمة عصامية تقوم على الذات المبدعة، هاته العصامية ولدت لدى الفنان شيئا من روح الفردانية التي تميزه، نجده لا يعول كثيرا على الفعل التشاركي، وهذا ما حصر الفنان تقريبا في الزاوية ولم يتركه يندمج في باقي الفعاليات السياسية والاجتماعية الاخرى، ما تولد لديه الأنا الذي لا يسمح له بأن ينزل الى مستويات اخرى ربما يراها انتقاصا من أعماله ووظائفه ورسالته التي تتصف بالنبل، او انتقاصا من شخصيته التي مع الوقت تشكل نرجسية شخصية تتعدى حدود الزمان والمكان.
-  نفهم من كلامك أن للفنان أولويات، على رأسها الرسالة الفنية، هل يمكن أن تكون الرسالة الفنية لوحدها كافية ليبدي الفنان رأيه؟
 حقيقة لا تعد الرسالة الفنية كافية في توصيل الغايات لدى الفنان، لابد للفنان ان يتجاوز هاته النظرة الضيقة ويدخل المعترك السياسي ويكون فاعلا فيه، يجب عليه ان يبدي رأيه، ويوصل صوته، لان النزعة الفردانية التي نشأ عليها الفنان لا تخدمه في الوقت الراهن، حتى مهنة الفن يجب ان تحاط بدعائم اخرى، تحمي الفنان ورسالته، وتحيطه بروح جماعية يحيي في ظلها عناصر تفكيره وابداعه، كما ان الخلفية التقليدية التي ترى دائما بعين الانتقاص من شأن الفنان هي نظرة ضيقة تنم عن اقصاء اجتماعي وذاتي لفئة فاعلة في المجتمع.
- لو نعود ايضا الى نقاط القوة في الشخصيات التي تدخل الانتخابات في الجزائر مثلا، هل للفنان نصيب في ذلك حسب رأيكم؟
  هاته نقطة مهمة بالنسبة الى عناصر القوة والتأثير بالنسبة للفنان كشخصية اجتماعية، يأتي على رأس نقاط القوة بالنسبة لأي شخصية الشهرة، وهاته متاحة للفنان كشخصية اجتماعية معروفة يمكن ان تحقق الفارق كغيره من الاجناس الاجتماعية الاخرى. النقطة الثانية وهي المال والثروة، بالنسبة للفنان في الجزائر هي نقطة ضعف بصراحة، فأغلب الفنانين عندنا في الجزائر هم يعيشون على عائدات اعمالهم الفنية، وبالتالي نجدهم في مستويات اجتماعية متوسطة او دنيا، الامر الذي يضعف من شخصية الفنان خاصة امام رجال الاعمال او امام الفئات المتعلمة الاخرى تعليما عاليا، لكن هذا شخصيا لا اعتبره عائقا كبيرا، يمكن للفنان ان يتجاوزه اذا كان فعلا له من العلاقات وله من الارتباطات ما يعطيه دفعا في البحث عن مكامن للثروة والتدعيم خاصة اذا كان فعلا له شخصية قوية وجذابة بالنسبة للرأي العام.
هناك ايضا نقطة ضعف بالنسبة للفنان وهي النظرة الاجتماعية الضيقة للفنان والفن بصفة عامة، فنحن مجتمع لا نرى في الفن ومختلف الاعمال الفنية ضرورة حياتية، بل تراه متنفسا يمكن ان نهرب اليه بين الفينة والاخرى فقط، لكن في الدول المتقدمة الفن هو حياة وروح الفرد، التسلية والابداع هو جزء من الكيان الإجتماعي، كما ان رسالة الفنان هي جزء من وجوده ووجود المجتمع، فكم من الاعمال الفنية التي مات اصحابها لكن لا تزال خالدة تذكرهم في كل موسم وفي كل مناسبة تحل.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024