أعاد عناصر فرقة الإبداع للمسرح بمدينة الأربعاء شرق البليدة ، الحياة لإحدى روائع القصص الفني الخالد التاريخي لألف ليلة وليلة « شهرزاد» ، ورافقوا إليها الملك الذي لا يتوانى في إشهار سيفه وتسليط الموت « شهر يار»، لأن العجب من القصص لم يكن يعجبه، واستخلصوا خليطا في عصارة مشاهد مسرحية فنية رائعة، أسموها «المخاض».
المخرج كمال عطوش والأكاديمي المتمرس، أوضح لـ « الشعب « في دردشة لطيفة، أن المسرحية هي جهد مشترك، أرادوا من خلاله أن يعبروا في رسالة سامية أخلاقية مأساوية فنية، عن الوطن وحب الوطن والوفاء والإخلاص للوطن، بإسقاط مشاهد المسرحية على واقع أحداث «الربيع العربي»، واختاروا لأبطال المسرحية شخصية شهر زاد، ألبسوها مهنة ومئزر الطبيبة، تداوي مرضى مصابين بتلف ذهني في مصحة للأمراض العقلية، أين ينتهي بها الحال إلى الجنون، لهول الأحداث وعدم تحملها ما يقع، فيما حل «الملك شهريار» مجسدا صورة الإنسان المريض الشهواني والمتلذذ بارتكاب الجريمة والأذى وإلحاق الضرر بالناس ووسط هذا الزخم الفني ترتسم صورة لبطل مسرحي، يظهر مثل المحقق التاريخي « شارلوكومز « يبحث في الحقائق ويتفرس في الأسباب ويدقق في القرائن ويتقصى الآثار، ليصل إلى الجاني ويعطي تفسيرات وتبريرات لما حدث ويحدث من جرائم، وفي صورة مسرحية فنية فيها من الملهاة والكوميديا، أبدع فيها أبطال العمل المسرحي «المخاض»، ليعودوا بالجمهور وكل واحد تُرك له الخيار والمجال حسب ذكائه وفطنته ووعيه وإدراكه وتمييزه للحقيقة بالتحليل، أن يفسر مشهد تلك الشخصيات، تعود إلى مرحلة الرضع الصغار، يضعون أصابعهم في أفواههم والمصاصات المطاطية، ويلبسون الحفاظات، ويمرحون ويلعبون لكن في فوضى عارمة، فيها تخريب لكل ما حولهم، وهنا يقول الأستاذ كمال عطوش، إنهم أرادوا في هذه اللقطة التي تابعها جمهور واسع بعدة مدن ببومرداس والبليدة في جولات، وضحك بعضهم بملء فيه، تصوير الأوطان التي مر بها ما يعرف اصطلاحا «بالربيع العربي»، و كيف أن أبناءه عبثوا وخربوا وهم لا يدركون بأن الوطن للمواطنين، وحمايته لن تكون إلا من أبنائه وبأبنائه، وهنا اكتمل المشهد المسرحي الإبداعي وفهم من فهم في حزن وحسرة وندم ، لما آلت إليه بعض الأوطان العربية، وتحولت إلى ميدان ومخابر للحروب والفتن والموت والبكاء، وضحك من لم يفهم ولم يستوعب حقيقة الفكرة وماجرى لتلك الأوطان الغالية.
