العزف للجنسين موروث ووراثي أبا عن جد
شغفه بتراث أجداده لا يعادله سوى موهبته الفريدة في العزف على تزامارت أو تغنيمت، وهو الاسم التارقي الذي يطلق على آلة الناي التي تصنع من القصب أو المعدن مثل الألمنيوم وطولها بمقدار 60 سم، أنه عازف الناي ورئيس جمعية تاهيست الثقافية مولودي أحمد من تمنراست.
المعروف عن الفنان مولودي في منطقة الآهاقار انطلاقا من مسقط رأسه أبلسة بدائرة سيلت التي تبعد عن قلب الولاية تمنراست أنه مولع بالتراث المادي واللامادي التارقي، وشغوف حتى النخاع بالعزف على الناي. هذه الهواية والموهبة المتوارثة يقول الفنان في تصريح لـ “الشعب” أبا عن جد في عائلته منذ زمن بعيد. وكشف مولودي أنه أسس جمعية “تـاهست” الثقافية السنة الماضية بغية الحفاظ وجمع وحماية التراث المادي واللا مادي، وكذا إحياء الحرف التارقية المنقرضة مثل صناعة بعد الأواني المنزلية القديمة، كما يسعى جاهدا لإنشاء متحف يضم كنوز تقاليد هذا المجتمع العريق.
وبالفعل فقد صرح مولوجي قائلا ‘أنه ومنذ سنين عدة، يعكف على جمع الكثير من التحف الأثرية القديمة والأدوات التقليدية، وكل ما له صلة عن قرب أو بعد بالتراث المادي للمنطقة، الذي يقول بأسف شديد، هو اليوم مهدد بالزوال بسبب البناء الريفي والعصرنة التي جعلت أهالي المنطقة يتخلون عن الكثير من الأواني واللوازم القديمة الطراز.
ويهتم مولودي بقسط كبير بالتراث اللامادي، حيت ينشط كل مساء حصة ثقافية بإذاعة الآهقار المحلية، تحمل عنوان “طبلة التاي” (الشاي)، وهي حصة تهتم بالتقاليد والعادات والتراث بمنطقة تمنراست. وأفصح مولودي أنه حاليا بصدد إعداد كتاب يلم بالتراث التارقي بالمنطقة بمعية نخبة من الدكاترة الأساتذة والطلبة والباحثين الجامعيين، كما يدون الكثير من القصص والحكايات والأمثال والحكم التي يتلقاها من قبل المسنين وكبار القوم، الذين يجد متعة كبيرة في مجالستهم والاستعمال إلى ما يسردونه عليه. ولا يحلو محفل أو مناسبة رسمية أو اجتماعية أو ثقافية بالمنطقة، دون أن توجه الدعوة لميلودي لحضورها وإمتاع الحضور بموهبته الرائعة، وزيه التقليدي الخاص بالمناسبات.
وللأسف لا يقبل اليوم الكثير من الشباب التارقي على تعلم العزف على آلة “تزامارت “ لصعوبتها، كما يكتفي مولودي من جهته بعزف التراث القديم فقط من مقاطع شجية و قوية المعنى، تحاول من خلالها إحياء ذاكرة الإيقاع والأهازيج القادمة من عمق صحرائنا الكبرى.