الغوص في التاريخ حماية للذاكرة من الاندثار
تصنع جمعية أهنت بابلسة مجد حاضرها من خلال تحركها في المشهد الثقافي بالمدينة الضاربة تاريخها في أعماق التاريخ من جهة للحفاظ على التقاليد العتيقة ومن جهة أخرى للتعريف بها و توريتها للأجيال الصاعدة التي تنساق بحكم العصرنة وراء التكنولوجيات الحديثة والتطور وتتناسى وتبتعد، يوما بعد يوم عن كل ما يشكل الماضي الجميل و العريق للمجتمع التارقي الأصيل، إنها الجمعية الثقافية «أهنت للتقاليد لبلدية ابلسة» بدائرة سيلت، الواقعة على بعد 140 كلم من قلب عاصمة الاهقار، تمنراست.
تأسست جمعية «أهنت»، يقول رئيسها، مخية أحمد المعروف بـ «حمو»، لـ»الشعب» سنة 2012، وهي تضم 12 عضوا مؤسسا من بينهم 8 نساء يشكلن فرقة التيندي، كما أن كلمة «اهنت»، تعني منطقة الوادي، يضيف رئيس الجمعية، وجاءت الفكرة، بحسب مخية» للحفاظ على تقاليد الأجداد مثل: «اسبرات» الخيمة التارقية التي تصنع غالبا بالجلود التي تصبغها وتزينها المرأة التارقية بالأحمر الفاقع والأخضر المعبر عن جمال فصل الربيع وجود الطبيعة من حين لأخر في وسط صحراء الطاسيلي»، إضافة إلى الحفاظ عن كل ما يخص الجمل الذي يشكل بدوره رمزا قويا في حياة التوارق.
فقد لاحظت يقول الرجل أن الأجيال الصاعدة أصبحت لا تبالي بموروثنا الثقافي المادي و لا مادي وتتجاهل عراقتنا و تقاليدنا و تسعى وراء كل ما هو جديد و عصري و هذا ما نحاول تداركه من خلال نشاطات الجمعية التي و بالرغم من نقص مواردها المالية و إمكانياتها إلا أنها تلبي كل النداءات لتقدم ما تزخر به المنطقة من تراث و كنوز ثقافية سواء كانت صناعة تقليدية ألبسة و حلي أوغيرها.
من بين التقاليد التي تسعى الجمعية للحفاظ عليها من الزوال و النسيان، عراقة الفلكلور المتعلق بالإبل، من سباق وعروض فنية كرقصة «ايلودان «الشهيرة واكسيسوارات، كما تحاول جاهدة أن تحبب الشباب في ذلك حيت أسس مخية احمد بالموازاة جمعية تربية الإبل و المواشي التي يسعى من خلالها الحفاظ على الرمز القوي للمجتمع التارقي و على كل ما يتعلق بغدائه الطبيعي.
تحتكم جمعية «اهنت «على فرقة للتندي هذا النوع من الموسيقى العريق الذي تمتزج فيه الاقاعات على آلة التندي بأهازيج النسوة والرجال والتصفيق الجماعي والتي تتغنى بالحب والحرب والجمال والثأر والكرامة والنخوة، كما أن آلة «التندي» مصنوعة من «مهراس» خشبي يستعمل عادة في المنزل فيوضع عليه جلد ماعز مثبت بواسطة قضيبين خشبيين وتؤدي بواسطتهما امرأتان حركات تماشيا مع إيقاعات منتظمة، التي ترافقها عروض الإبل و مهارة أصحابها وتباهيهم في لفت الانتباه.
الجمعية اليوم وبالرغم من نبل مهمتها، إلا أنها محصورة في نشاطها على المستوى المحلي فهي تفتقر لمقر رسمي يساعدها على المضي قدما ويسمح لها، كما أشار رئيسها للنسوة من مزاولة الصناعات التقليدية الخاصة بالخيمة ومكوناتها وكذا بالراحلة أي السرج الذي يوضع فوق الجمل للركوب وكل ما يزينه من اكسيسوارات تحمل ألوان الشهرة والتباهي والأناقة التي تميز الرجل التارقي.
تحتاج اليوم فرقة التندي التابعة للجمعية بحسب ما صرحت به لنا السيدة «فاتو « إلى دعم مالي يساعدها في تقديم نشاطها خارج الولاية وكذا تسجيل أغانيها وأهازيجها، كونها تتغنى بقصائد تراثية قديمة لا يحفظها حاليا من الزوال سوى انتقالها من جيل لآخر، عبر الأدب الشفهي.