تواصل السينما الجزائرية تألقها في مختلف التظاهرات السينمائية الدولية والعربية، من ضمنها «ليالي السينما الوثائقية العربية» التي ينظمها قسم السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان بالأردن، التي تعرض، اليوم الأربعاء، الفيلم الجزائري «هواجس الممثل المنفرد بنفسه»، بحضور مخرجه حميد بن عمرة.
يعتبر هذا الفيلم، المزيج بين الروائي والوثائقي، تكريما للفنانين الذين واجهوا المصاعب والمخاطر، وحتى التهديد والموت، إيمانا منهم برسالتهم الفنية.
يتطرق هذا الفيلم، على مدى 103 دقائق، إلى لقاء بممثّل سبق أن شاهده المخرج بوعمرة على شاشة التلفزيون قبل أربعين عاماً، يتعلق الأمر بالمسرحي القدير محمد أدار، واحد من الفنانين الذين شهدوا أولى طبعات مهرجان مستغانم لمسرح الهواة، والذي يترأس حاليا لجنة تحكيم تصفيات الطبعة الخمسين من ذات المهرجان.
وعلى الرغم من خبرته الطويلة في المسرح، بتقديمه ما يفوق الخمسين عملا مسرحيا، إلا أننا لم نر محمد أدار في السينما، ليدخلها من خلال هذا الفيلم المزيج بين الروائي والوثائقي، والذي وصفته الصحافة الأردنية بكونه «تجربة سينمائية مبدعة لا تخلو من الصعوبة، من ناحية الاستقبال، والجرأة، من ناحية التجريب، وتنتمي إلى سينما المؤلف التي يتعامل فيها المخرج مع الكاميرا كما يتعامل الكاتب مع القلم».
من خلال تطرقه إلى الفنان المسرحي محمد أدار، هواجسه وأحلامه، ينطلق المخرج ليقوم بعملية إسقاط على أوضاع الجزائر من مختلف زواياها... ويعتبر هذا العمل، الذي يعتمد على الكثير من صور الأرشيف، بمثابة تكريم للفنانين والسينمائيين ورجال الثقافة في الجزائر والبلدان العربية.
عن اختياره أدار محورا للفيلم، صرّح المخرج بن عمرة للإعلام الأردني، بأنه يحب هذا الممثّل، «لأنه وجهك ووجهي ووجه الجزائر، التي مازالت تحمل أحلام طاولات مدارسنا؛ فأنا لم أزل أذكر قَسَم نشيدنا ووعود الثورة العالمية ضد الإمبريالية... أحبّ الممثّل أدار لأنه، مثلي، يرفض أن يُسلِّم بأن الحلم انتهت مدّة صلاحيته». كما وصف المخرج علاقته بمفهومي الواقع والخيال بأنها متداخلة، وبأن كلاهما يتغذّى من الآخر: «ليس هناك عجز عن قول الأشياء وفق هذه الصيغة أو تلك، بل هو مزج مقصود أنتقل فيه من المسرح إلى السينما، ومن الأرشيف إلى الخيال»، يقول بن عمرة.
ليست هذه أول مشاركة دولية لـ «هواجس الممثل المنفرد بنفسه» أو «دونكيشوت الجزائري»، كما يُطلق عليه، حيث سبق عرضه في مختلف التظاهرات والمهرجانات السينمائية، على غرار الأيام السينماتوغرافية للجزائر العاصمة، أين فاز بتنويه خاص من لجنة التحكيم، وهو نفس التتويج الذي حاز عليه من مهرجان الأقصر الخامس للسينما الإفريقية بمصر.
وكان المخرج حميد بن عمرة، وهو أيضا ممثل ومصور فوتوغرافي، قد أنجز أول عمل له بعنوان «Pour une vie meilleure» (من أجل حياة أفضل) سنة 1981، قبل أن يكرس نفسه للأفلام القصيرة ثم الوثائقية منذ عام 2007.
للإشارة، فإن مؤسسة عبد الحميد شومان، التي تأسست سنة 1978، مؤسسة لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي، الأدب والفنون، الإبتكار المجتمعي.
أما قسم السينما فقد تم تأسيسه في العام 1989 من قبل لجنة من خيرة النقاد الأردنيين، تشرف على تنظيم عروض لأفلام منتقاة بعناية من الكلاسيكيات إلى الأفلام الحديثة والتجريبية من مختلف دول العالم، في عروض أسبوعية مجانية في قاعة سينما المؤسسة، كما يتم تنظيم أسابيع أفلام متنوعة. وأطلقت المؤسسة سنة 2014 سينما الأطفال، بهدف بناء قدرات الأطفال واليافعين وتنمية مهاراتهم في التذوق السينمائي.