بعثه من جديد ليس مستحيلا والجيل الحالي له كل الإمكانات
يمر المسرح الجزائري بفترة ركود حقيقية، منذ التسعينيات من القرن الماضي خاصة، أي منذ اندلاع المأساة الوطنية التي أتت على الأخضر واليابس في كل المجالات، بما فيها المجال الثقافي والمسرح بشكل خاص. فقد دفع الفن الرابع أو أبو الفنون ضريبة كبيرة من خيرة رجالاته، من خلال اغتيال بعض رموزه أمثال عزالدين مجوبي، وعبدالقادر علولة.
ترى الأستاذة أمال صابري، ناقدة أدبية ومهتمة بالمسرح الجزائري، أن فترة السبعينيات من القرن الماضي، كانت الفترة الذهبية للمسرح الجزائري، وهي الفترة التي ساهمت الظروف في تألق الفن الرابع، من خلال فرقة جبهة التحرير الوطني التي كانت امتدادا للمسرح في عهد الاستقلال الوطني سنة 1962، أين شهدت تلك المرحلة إنشاء المسرح الوطني محي الدين بشطارزي، والمسارح الجهوية في عديد المدن، والتي كانت تنشط بفنانين ممثلين من جمعيات ثقافية ناشطة وكتاب مسرحيين ومخرجين أكثر نشاطا.
كما أن المواضيع الساخنة التي كانت تتناولها المسرحيات، والمتعلقة بهموم المواطن وحياته الاجتماعية، وكذا ربط ذلك بسياسة الدولة آنذاك الرامية إلى القضاء على البيروقراطية والتخلف وكل المظاهر السلبية التي سعت الثورة الثقافية في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين للقضاء عليه، في إطار النهج الاشتراكي، ووضع أسس مجتمع ثوري ومناضل وقوي الوطنية، كل هذا ساهم في نشر المسرح وارتباط الناس به، فكان يحظى بالفرجة والمتابعة الدائمة وحتى التنافس الشريف.
واعتبرت ذات المتحدثة، أنه منذ العشرية السوداء وإلى يومنا هذا، شهد المسرح الجزائري انكماشا حقيقا، لعدة اعتبارات... ووصفت ما يحدث بالجريمة التي تضرب أحد رموز الثقافة الوطنية بامتياز، وهو المسرح، باعتباره فنا شعبيا راقيا له مكانته في المجتمع الجزائري. واعتبرت ان أزمته الحالية شملت كل شيء بما فيه الإخراج والنصوص، لتنتقل إلى الممثلين الذين أصبحوا يطلبون أموالا باهظة لإنجاز الأعمال، مما أدى إلى صرف مبالغ طائلة، لكنها لم تخرج المسرح من أزمته المزمنة، ولم تُعِدْ الجمهور إلى الركح للمتابعة والفرجة وحتى النقد، رغم بعض المحاولات المتمثلة في إقامة بعض المهرجانات.
ودعت الأستاذة صابري في الختام، كل المعنيين، على رأسهم مسؤولو وزارة الثقافة، لأخذ الأمور بالجدية اللازمة. كما دعت أهل الفن الرابع في بلادنا إلى تطهير الصفوف من الدخلاء، والعودة بقوة الى معالجة مشاكل المجتمع المتعددة، وهي مجال خصب، على الكتاب استغلاله من أجل بعث المسرح الجزائري من جديد، وأن الأمر ليس مستحيلا، لأن الجيل الحالي لديه كل الإمكانات، لتبقى الإرادة الجادة والتحلي أكثر بروح الإبداع والتضحية عوامل أساسية لإنهاء أزمة المسرح الجزائري الراهن.