إحياءً للذكرى الخامسة والخمسين لاتفاقيات إيفيان، تحتضن المكتبة الوطنية الجزائرية بالحامة انطلاقا من اليوم السبت «أيام سويسرا الجزائر»، التي تنظّمها الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، بالتعاون مع سفارة سويسرا بالجزائر وجمعية «ديفارسيتي». وسيعمل مؤرخّون وصحفيون وشهود عيان من الضفتين السويسرية والجزائرية، على مدى يومين، على إلقاء الضوء على هذه الفترة الحاسمة من تاريخ الجزائر، التي تعتبر ذاكرة مشتركة بين البلدين.
تحت عنوان «السويسريون، سويسرا ومعاهدات إيفيان»، يشهد اليوم الأول عرض فيلم «الديبلوماسي»، يعقبه نقاش مع مارك بيرونو وفؤاد سوفي، ثم تكريم لشارل هنري فافرو وعرض مقتطفات من أفلام حول هذه الشخصية، وشهادات لأندري غازو، جون ميرات، وباتريك فيرلا.
أما برنامج غد الأحد تحت عنوان «السويسريون، سويسرا وحرب التحرير الجزائرية»، فسيشهد عرض فيلم «سويسرا وكواليس حرب الجزائر»، يليها مناقشة مع الباحث في التاريخ مارك بيرونو وجون ميرات وأندري غازو.
ويشارك في التظاهرة أسماء سويسرية من شأنها تقديم شهادات مهمة، نذكر منها جون ميرات، الذي كان الرئيس السابق لمدينة إفردون من 1956 إلى 1960 أين ولد وترعرع. عمل في البريد أين أصبح يميل إلى التيار اليساري، وفي 1954 صار رساما معماريا وصوّر أفلاما حول الفن المعماري. اعتقله العساكر الفرنسيون سنة 1960 وفي حوزته جريدة «المجاهد»، وقضى مدة سنة بسجن بزانسون.
وفي 1977 أنتج مجموعة الأفلام بلان فيكس مع ميشال بوري وناج أنسورج، وتحتوي هذه المجموعة على أكثر من 300 بورتريه حول شخصيات سويسرية من بينها شارل هنري فافرو وغيرهم من الذين ساهموا في دعم الحركة الثورية. يقتصر عمله حاليا على أخذ صور فوتوغرافية لشخصيات سياسية وثقافية.
أما المخرج أندري غازو فهو من مواليد فرنسا، رفض حمل السلاح والالتحاق بالجيش الفرنسي سنة 1958، وعلى الرغم من ذلك تم إدماجه كممرض مضلّي، إلا أنه فرّ من الجيش سنة 1960 والتحق بسويسرا بـ»المقاومة الشابة»، قبل أن يتم العفو عنه سنة 1966.
في 2003 قام بإخراج الفيلم الوثائقي «L’Algérie en pacification»، الذي عُرض في إطار الاحتفالات بستينية اندلاع الثورة التحريرية، كما نظم سنة 2004 أسبوع «الأمل الجزائري بسويسرا» بمدينة جنيف بحضور شخصيات نضالية جزائرية وسويسرية على غرار رضا مالك وشارل هنري فافرو.
كما يشارك في التظاهرة فؤاد سوفي مفتش التراث المكتبات والأرشيف، وباحث بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية (وهران)، والمركز الوطني للبحوث ما قبل التاريخ، الأنثروبولوجية والتاريخية (الجزائر). عمل على مستوى الأرشيف الوطني كمدير للأرشيف بولاية وهران من 1977 إلى 1992 ثم كمحافظ بمركز الأرشيف الوطني من 1992 إلى 2004 ونائب مدير على مستوى المديرية العامة للأرشيف الوطني من 2004 إلى 2011.
ومن المشاركين في التظاهرة د.مارك بيرونو، باحث في التاريخ منذ سنة 1981، له العديد من البحوث التاريخية، وهو مؤلف عدد من الكتب حول الجزائر وسويسرا من بينها ملف «سويسرا واتفاقيات إيفيان».
ونذكر أيضا علي إقرانو مستشار مدرب، رئيس جمعية DiversCités ومسؤول ومصمّم المشروع، وباتريك فيرلا الصحفي بالإذاعة سويس رومند، وقد أشرف على حصص ثقافية كما أنه رئيس جائزة الجمهور (جائزة أدبية) لإذاعة «سويس رومند»، وله عدة كتب منشورة.
للتذكير، فقد لعبت سويسرا دورا هاما في حرب الجزائر التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي، منذ اندلاعها في نوفمبر 1954، وقد عبّر المناهضون للاستعمار عن مواقفهم هناك وتطرقت الصحف السويسرية إلى مجريات الحرب، كما كانت سويسرا مسرحا لتهريب الأسلحة والمعاملات المالية، ونشر مطبوعات وصحف محظورة في فرنسا واستقبال مناضلين جزائريين.
وقد مهّد دعم مجموعة من المثقفين السويسريين نضال الجزائر التحرري الطريق أمام الجهات الرسمية السويسرية التي نشطت ابتداء من شتاء 1960 - 1961 في تنظيم محادثات سرية وتسهيل المفاوضات الرسمية في إيفيان.