في لقاء ثقافي فني، احتضنه مساء أول أمس قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة بقسنطينة، قدّم الدكتور الصادق أمين خوجة محاضرة حول تاريخ الفن التشكيلي العالمي في القرن 15، حضرته نخبة من الفنانين التشكيليين والمثقّفين.
وأكّد المحاضر في بداية مداخلته أن القرن 15 باعتباره مرحلة مهمة في تاريخ الفن التشكيلي العالمي ـ وهو ما يعرف اليوم بعصر النهضة ـ أحدث ثورة كبيرة في مجال القواعد الفنية للوحة التشكيلية في كل أبعادها، الأمر الذي أثر في كل المراحل اللاحقة للفن التشكيلي وحتى العصر الحاضر.
وعاد أمين خوجة وهو يتحدّث عن هذه الحقبة التاريخية إلى ما كانت عليه اللوحة الفنية والرسومات عموما في ذلك العهد في إيطاليا، حيث أصبحت الدعوة بعدها ملحّة في التفكير لإيجاد طرق جديدة للتغيير والتحديث قصد ترك للأجيال اللاحقة تحفا فنية تخلد عبقرية الفنان الايطالي، وهو ما حدث بالفعل على أرض الواقع، حيث توصّل فنانون من العباقرة أمثال «جيوطو» وغيرهم إلى تحديث الفن التشكيلي بكل أبعاده فكانت إيطاليا سبّاقة في بعثه باعتبارها وريثة روما القديمة.
وأضاف المحاضر أنّ هذه الثورة في التقنيات ساعدتها آنذاك بعض الظروف التي كان يعيشها المجتمع الايطالي، وهي ظروف اقتصادية واجتماعية وفنية كانت تحمل كثيرا من المتناقضات مما دفعت ببعض الحرفيين ـ والذين أصبحوا فيما بعد من أبرز الفنانين التشكيليين ـ إلى إحداث مثل هذه الثورة في مجال فن الرسم عموما، إضافة ـ كما قال ـ الى ظهور الاكتشافات العلمية ومن أبرزها مادة «تشريح جسم الإنسان»، فاعتمد الفنانون فيها على ثلاثية الإبعاد ومنها الضوء والمكان، بل أن التجديد تعدّى إلى فرض مواضيع للوحة الفنية كـ «المعارك» و»الطبيعة»، وهي المسائل التي كانت تحرمها الكنيسة في ذلك العصر.
وفي الأخير ألحّ المحاضر وهو فنّان تشكيلي ومدير مدرسة الفنون الجميلة بقسنطينة على أهمية دراسة تاريخ تطور الفن التشكيلي مرحلة بمرحلة، وهو ما يسهّل قراءة اللوحة التشكيلية وما تحمله من إبداع.