أكد وزير الثقافة عزالدين ميهوبي، خلال اللقاء الذي جمعه بمديري دور الثقافة، صبيحة أمس الأول، بقصر الثقافة، أكد على ضرورة التقيّد بتسقيف المصاريف وترشيد النفقات التي اعتمدتها الوزارة، معتبرا أن كلّ من يخالف هذه التعليمات عاجز عن التسيير، متوعّدا إياه بإنهاء مهامّه. وحثّ ميهوبي على التركيز على التنشيط الثقافي المحلي، كما تحدّث عن إعادة توزيع الكادر البشري للقطاع في ظلّ تعذّر التوظيف في الظرف الحالي.
يأتي هذا اللقاء بعد الذي جمع الوزير بمديري الثقافة. وذكّر ميهوبي في بداية اللقاء، بالوضع الاقتصادي الذي تعرفه المنظومة الوطنية والذي تسبب فيه بشكل مباشر انهيار أسعار المحروقات. ووجّه لمديري دُور الثقافة توجيهات في عديد المحاور، كانت أولاها ضرورة التقيد بتعليمات الإدارة المركزية فيما يتعلق بترشيد النفقات في هذا الظرف «الذي يتطلب منّا حرصا كبيرا على التسيير الاقتصادي البحت... انتهت سنوات البحبوحة والآن يجب البحث عن مصادر التمويل»، يقول ميهوبي.
واعترف الوزير بالتفاوت الواضح بين الولايات في إمكانية إيجاد فرص التمويل على الصعيد المحلي، لكن مع ذلك يجب البحث عن حلول وليس المال وحده ما يصنع النشاط الثقافي، يقول ميهوبي، فالمبادرات والأفكار لا تكلف شيئا ويمكنها أن تشكل مادة أساسية في النشاط الثقافي عبر الولاية.
وجدّد المتحدث تأكيده على أن دار الثقافة هي المتنفّس الأساسي في كل منطقة، كونها مكان استقطاب للجمهور. ودعا إلى إنشاء منتديات بدور الثقافة، كالمقاهي الثقافية والأدبية والفكرية، مطالبا مديري دُور الثقافة بإسقاط البيروقراطية الإدارية وعدم طلب الإذن المركزي، فقط إلا في إمكانية الإخلال بالنظام العام: «نشاط الجمعيات والفنانين على المستوى المحلي لا يجب التعامل معه بطريقة بيروقراطية جافة... لديكم حرية المبادرة وأريد أن تكونوا مرنين وتكون لديكم علاقات مباشرة مع وسطكم الثقافي»، يقول الوزير.
أما من الجانب الاقتصادي، أكد ميهوبي على ضرورة تعويد الجمهور على أن الثقافة لها مقابل وإن بمبالغ رمزية... كما طالب باقتراح مقاييس جديدة لحقوق الفنانين المالية وضرورة تصفية ديون الفنانين العالقة.
وتوعّد الوزير من يخالف تعليمات الوزارة بقوله: «كل واحد منكم يجد نفسه أمام عجز مالي لن يبقى في منصبه... وأيّ عملية مجازفة وإحداث انفلات في المصاريف يقابله إنهاء المهام، لأنها دليل على عدم القدرة على التسيير».
كما استنكر ميهوبي المحاباة والمجاملات وطالب بالشفافية في التسيير، فالثقافة شيء نبيل ولا يجب أن يشرف عليها أشخاص فاسدون وسمعتهم سيئة في المجتمع، يخلص الوزير.
ودعا ميهوبي مديري دُور الثقافة بالحفاظ على علاقات جيّدة مع مديري الثقافة، وكذا مع وسائل الإعلام بهدف إبراز النشاط الثقافي، ولكن في إطار مهني بحث، لأن «ما شوه القطاع هو ضرب الأشخاص بعضهم بعضا بالملفات، حتى صار الناس يرون في هذا القطاع أنه قطاع ريع وفساد... حافظوا على سمعتكم وسمعة القطاع وحافظوا على السرية مع نشر المعلومة الثقافية»، يقول الوزير.
«طلبنا من الولاة والجماعات المحلية أن يكونوا سندا لنا، لأنه لا توجد استثمارات جديدة والوضع لا يسمح، وإمكانات الدولة مركزة على دعم قطاعات أكثر حيوية كالتربية والصحة، لكن هذا لا يمنع أن نبحث عن بدائل وحلول لأنفسنا»، يؤكد ميهوبي.
بعد ذلك أعطيت الكلمة لمديري دور الثقافة لإبداء انشغالاتهم وملاحظاتهم، وكان من بين المتدخلين مدير دار الثقافة أحمد عروة بالقليعة بتيبازة، الذي اشتكى من عدم توفر الكادر البشري بالشكل الكافي، حيث تعرف دور الثقافة التي فتحت في السنوات الماضية عجزا في التقنيين، كما أن المكتبة بها موظفة واحدة رغم كثرة الإقبال، خاصة مع افتتاح القطب الجامعي.
وفي إجابته، اعترف ميهوبي بأن مسألة الموظفين شائكة وموجودة في كل الولايات تقريبا، خاصة المكتبات، إذ صار البحث عن مجرد من يؤمِّن المكان وليس من يسيِّره، لكن التوظيف غير ممكن حاليا، يؤكد الوزير، الذي أشار إلى وجود خيارين: الأول هو إعادة توزيع التعداد الموجود على مستوى قطاع الثقافة.. «هذا الحل يشاطرنا فيه الوزير الأول ويرى أنه ضروري»، يقول ميهوبي، مشيرا أن بداية تطبيق هذه العملية ستكون من ولاية بسكرة.
أما بالنسبة للحل الثاني، فقد تحدث ميهوبي عن لقاء مقبل مع وزارة الداخلية لكي تقدم هذه الأخيرة مساعدتها في تأمين المكتبات، خاصة وأن «هناك بلديات توجد المكتبات على إقليمها ولكن وكأنها غير معنية بها».
من جهته تساءل مدير دار الثقافة لولاية أم البواقي، عن إعانات الجماعات المحلية؟ كما اقترح توحيد البرامج الثقافية وتحدث عن تنظيم ملتقيات ذات طابع مهني، وهو ما ردّ عليه الوزير بأن المواطن لا تهمّه الملتقيات ولا تستقطبه، لذا يجدر تفاديها... «أنتم أداة تنفيذية لمخطط ثقافي»، يؤكد ميهوبي.
