عنوان مداخلة للباحث خيراني نور الدين بدار الثقافة لتيزي وزو

«إحتفال اهليل قورارة” من منظور مولود معمري”

تيزي وزو..ز/ كمال

تناول الأستاذ خيراني نور الدين خلال اليوم الدراسي الذي احتضنته دار الثقافة لتيزي وزو تكريما لصاحب الربوة المنسية الراحل مولود معمري، جانبا من الدراسة الأنثروبولوجية التي قام بها الباحث حول تظاهرة “أهليل قورارة” في محاولة لإبراز أهمية هذا الاحتفال الاجتماعي والثقافي للمنطقة واستمراره مع تعاقب الأجيال رغم تأثير الظروف السوسيو ثقافية التي عرفها المجتمع الجزائري عبر مراحل تطوره..
حاول الباحث نور الدين خيراني خلال اللقاء معالجة احتفالية اهليل قورارة التي تطرّق إليها مولود معمري بأبعاد مختلفة مع التركيز أكثر على الجوانب السوسيو انثروبولوجة والتاريخية لهذه الظاهرة وكذا بعض الأدوار التي ينطوي عليها احتفال اهليل قورارة، وهنا أشار الباحث بالقول “إن انشغالنا الأساسي في هذه الدراسة هو رصد من الجوانب المرتبطة باهليل أي الجانب السوسيو انثروبولوجي دون الغوص في باقي الجوانب الأخرى اللسانية والموسيقية التي تدخل في تركيبة هذه الحالة الاجتماعية، كما أن موضوع المداخلة هو دراسة ميدانية نشرت بمجلة “ليبيكا” سنة 1973، بعنوان “قورارة، عناصر لدراسة انثروبولوجية” قام بها الباحث مولود معمري بالتعاون مع فريق بحث متعدد الاختصاصات، مع الاعتماد أيضا على البحث الانثروبولوجي للباحث حول “اهليل قورارة” الذي نشر سنة 1984..
وعن الأبعاد السوسيو ثقافية لاحتفال اهليل يقول الباحث نور الدين خيراني “إن اهليل يعتبر شكلا من أشكال المؤثورات الشفاهية المحلية التي يزخر بها الجنوب الجزائري عموما، ومنطقة قورارة على وجه التحديد، حيث يتضمن احتفال أهليل على متن شعري غنائي، وكان مولود معمري قد قام بدراسة و تحليل هذا الاحتفال، وعرفه أنه “مظهر موسيقي وأدبي في آن واحد، ومشهد مسرحي دنيوي وفي نفس الوقت احتفال ديني تقريبا”.
وأضاف المحاضر “أن طبيعة احتفال اهليل لدى سكان قورارة يحمل جانبين، جانب دنيوي وجانب ديني وهو ما ينتج عنه ازدواجية في المنظومة القيمية الدنيوية والدينية المرتبطة أساسا بالاحتفال..، وفي هذه النقطة بالذات أشار المتدخل إلى نظرة مولود معمري
لهذه الخاصية، الذي أعتبر أي معمري” أن الجانب الدنيوي يقوم بمعالجة مختلف الممارسات الاجتماعية في الحياة اليومية للسكان، بينما يتناول الجانب الديني المواضيع الدينية التي تحتل مكانة هامة داخل هذه الاحتفالية وتبرز مختلف الممارسات والسلوكات كالمتن الشعري الديني الذي يتطرق إلى مدح النبي والأولياء الصالحين.
كما تطرّق المتدخل أيضا إلى الظرف الزماني والوصف الشكلي لطريقة الاحتفال، مشيرا هنا “أن احتفال اهليل عادة ما يتمّ في الفترة المسائية، حيث يطغى على هذه الظاهرة الاحتفالية، الطابع الذكوري مع ذلك نسجل وجود مشاركة لبعض النساء في سن معين، حيث يقف الرجال جنبا إلى جنب، بصورة جماعية على شكل دائري، ويتضمن هذا الاحتفال الغنائي التنافسي كذلك فاعليين اجتماعيين رئيسيين هما الشاعر، الذي يعتبر شخصية مركزية ورئيسية لهذا الاحتفال، حيث يقوم بسرد أبيات شعرية لأهليل، بالإضافة للشخص الذي يقوم بالعزف على آلة نفخية، وفي الأخير هناك الشخص الذي يقوم بالعزف على آلة الطبل، كما نجد إلى جانب هذه الشخصيات الثلاثة، قائد الحركة في هذا الاحتفال الغنائي الذي يقوم بالتحكم في الحركات المرتبطة باحتفال أهليل.
أهليل وعلاقاتها بالشرفة والمرابطين
عمليا وحتى نفهم جوهر ومنطلق احتفال أهليل يقول المحاضر، لا بدا من إرجاع التظاهرة إلى السياق التاريخي للمجتمع المحلي وهذا اعتمادا على الدراسية الاجتماعية التي قام بها مولود الذي استند في بحثه إلى العادات والتقاليد الشفاهية والنصوص الشعرية، وهو ما أوصله إلى التأكيد أن ظهور اهليل ارتبط بالشرفة والمرابطين، وهي جماعة أو فئة اجتماعية كانت تتمتع بنفوذ كبير في الجانب الاقتصادي بسبب امتلاكها لأراضي واسعة ومنابع المياه، إلى جانب احتفاظها بمتن اهليل والقصر المسمى”شروين” الذي يبعد 60 كلم على مدينة تيميمون، وباعتبار أن منطقة توات قورارة كمنطقة عبور لمختلف القوافل ومنطقة تجارية ـ يضيف الباحث ـ فقد ارتبط اهليل بالحضارة والحضرية والبضائعية، حيث نجد العديد من المتون الشعرية التي تضمنها اهليل ووصف لتفاصيل بعض الحلي والعطور بخصائصها وأسمائها المختلف..
في الختام تطرّق المحاضر إلى وظائف احتفال اهليل الذي حافظ على استمراره مقارنة مع بعض الاحتفالات الأخرى التي تعرضت للاندثار وهذا وفق منظور مولود معمري التي حصرها في الوظيفة العلاجية، حيث تمثل التظاهرة أهمية كبيرة لسكان منطقة قورارة من حيث تحمل متاعب ومعاناة حياتهم اليومية المتعلقة بأعمال الزراعة وبناء الفقرات وتقوية وجودهم، وبالتالي التخفيف منها عن طريقة ممارسة الاحتفال بكل طقوسه الاجتماعية والدينية، في حين تحمل الوظيفة الثانية قبول استمرارية بقاء النظام، حيث يكتسي اهليل نفوذا كبيرا من خلال الدور الذي يلعبه في تأكيد الاستمرارية والتأقلم مع السياق السوسيو تاريخي المحد، على حد قوله.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024