آخر سهرة من ليالي “الصّيف الموسيقي بالجزائر 2015”

طبـوع غنائية أمتعت الجمهور برياض الفتح

أسامة إفراح

كان الموعد أول أمس الجمعة مع السهرة الأخيرة من المهرجان الثقافي الدولي الصيف الموسيقي بالجزائر، سهرة وفّت بما وعدت، تماما كسائر ليالي هذا المهرجان، حيث امتلأت ساحة رياض الفتح بالعاصمة بجمهور اختلفت مشاربه، قدِم ليستمتع بأهازيج قعدة ديوان بشار، وإيقاعات الأوكسترا الوطنية بارباس، وعزف المغربي عبد العزيز ستاتي المنفرد، والروح المتجدّدة لدى “كادير الجابوني”، فكان مسك الختام لفعاليات تظاهرة ميّزتها الاحترافية والتنظيم الجيد، وكثير من الروح الفنية. “الشعب” عاشت هذه الأجواء ورصدت أدق تفاصيلها.


ولعل أول ما نبدأ به في وصفنا لهذه السهرة الختامية، الجمهور الذي امتلأت به ساحة بحجم بهو رياض الفتح، ولا نعتقد بأن مجانية الدخول وحدها دفع هؤلاء إلى القدوم، بل الأسماء التي اقترحها مهرجان فرض نفسه في رزنامة زوار العاصمة هذه الصائفة.
”قعدة ديوان بشار”..لا إفراط ولا تفريط
أما فرقة قعدة ديوان بشار، فمزجت بين القناوي والموسيقى العصرية، فيما بات يعرف بالموسيقى الكونية. وكانت بداية الفقرة بمقطع “آمين آمين” لتلقي الفرقة السلام على جمهورها بقول “السلام عليكم يا لحضار”، قبل أن تبدأ رحلة التنقل بين الهضاب العليا والموسيقى المغربية، بآلات عصرية تبلتها الأدوات الموسيقية الضاربة في القدم على غرار القرقابو.
ولم تبخل عائشة لبقع على جمهورها بالأغنية التي عرفها بها، أغنية “الغوماري”، لتتبعها بـ “ما ماما مازاري”، وقبلها غنت الفرقة “سبحان الله صيفنا ولا شتوا”، “حمودة يا القناوي”، “يا الله أنا”، ليكون ختام القعدة البشارية العالمية بـ “يا شيخ آ بن بو زيان”، حيث تراقصت جماهير الحاضرين على إيقاعات الفرقة التي تأسّست منذ حوالي عشرين سنة، وتضمّ أعضاء من مختلف أنحاء القطر، من بشار، تيميمون، وتيارت، رفقة آخرين من دول أجنبية قدموا من فرنسا، المغرب، وحتى مدغشقر.
وفي هذا السياق قال عضو الفرقة عبد العاطي العوفي: “جذور الفرقة مستمدة من مدينة بشار، وبدورها تستلهم الثقافة هناك من عدة مناطق أخرى على غرار الهضاب العليا، الموسيقى المغربية، وما يصل من أدرار وتيميمون، هذا ما انعكس إيجابا علينا وعلى كل المبدعين المرتبطين بهذه المنطقة، من خلال تقديم فن متنوع منفتح على عديد الطبوع والألوان”. وأضاف: “نعمل على تقديم التراث بنكهة عصرية، إيمانا منّا بأنّ رسالتنا سهلة وبهذه الطريقة يكون مضمونا وصولها إلى الجمهور”، معتبرا بأنّ ميولات قعدة ديوان بشار العصرية يلازمها احترام التراث، والحفاظ عليه لأنّه “جزء من هويّتنا التي يجب إيصالها للأجيال اللاحقة”، قال العوفي.
سفر موسيقي ممتع رفقة الأوركسترا الوطنية بارباس
رحّبت الأوركسترا الوطنية بارباس، الغنية عن كل تعريف، بجمهور ختام مهرجان الصيف الموسيقي بالجزائر، بالأغنية الشهيرة “السلام عليكم يا لحباب”، التي تلاها مزيج من التوزيع الموسيقي الغربي والإيقاعات الإفريقية، في تكريم خاص لثقافة القارة السمراء، ثم قدّمت الفرقة طابع القناوي من خلال “إن شاء الله يا ربي” مع آلة القمبري والقرقابو، لتختم السهرة بأغنية ردّدها الجميع وهي “لوكان يديروا عليك باب حديد”.
وعبّر “أسكور Askeur” عضو فرقة الأوركسترا الوطنية بارباس عن سعادته البالغة بتواجده في الجزائر، لأنه قبالة جمهور ذواق، كما وصف الغناء في الجزائر بـ “الحلم” بالنسبة له.
وعلى غرار فرقة “قعدة ديوان بشار”، يبدو أن تنوع مشارب أعضاء ONB قد انعكس على تنوع أغاني الفرقة وطبوع موسيقاها، حيث اعتبر أسكور بأنّ “التنويع أمر مطلوب ومرغوب”، مضيفا بأن “الفرقة تحتوي على أعضاء من بلدان مختلفة: الجزائر، المغرب، إيطاليا وفرنسا، لذلك نجد الفرقة تغني مختلف الألوان الموسيقية مثل الجاز، الريغي، القناوي، الشعبي، الراي وغيرها”. وكشف أسكور عن تحضير الفرقة لإصدار ألبوم جديد سيكون جاهزا السنة القادمة، وسيكون جديده أنه يتضمّن بعض الأغاني في طابع المالوف، يقول الفنان.
عبد العزيز ستاتي..المغربي الذي يعشق ألحان الجزائر
واستثمر منظمو المهرجان في حب الجزائريين للموسيقى المغربية، وبالخصوص الشعبية منها، فكان اللقاء مع الفنان المغربي عبد العزيز ستاتي (اسمه الحقيقي عبد العزيز العرباوي)، الذي أدى “حكمت عليا الظروف”، “احسن ليك نساني”، “كانت معاه”، “ما ننساك”، “لا تلوموها”، “الباطل صعيب”، “ليتيمة”، “مولاي طاهر”، و«كلشي كاين” وهي من بين آخر ما أنتج هذه السنة 2015. كما غنّى الستاتي عن ظاهرة الحرقة من خلال “الرجال مشات حارقة”، و«الفيزا والباسبور والبابور”.
وليست هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها ستاتي للجزائر، إذ سبق وأن زار مدينة وهران، كما شارك في مهرجان تيمقاد. وعن تجربته مع الموسيقى الجزائرية يقول عبد العزيز ستاتي: “للراي الجزائري وقعه الخاص على قلبي، وتأثيره على النصوص التي نؤلّفها ونلحّنها، فنحن في المغرب الأقصى نعشق الراي الجزائري لدرجة أنّنا لا نشعر بالفرق بين الثقافتين..أنا شخصيا تربّيت على أغاني دحمان الحراشي والحاج محمد العنقة، والشيخة الريميتي، والشيخة الجنية، ثم فيما بعد الكينغ خالد والشاب مامي”.
واعتبر الفنان الشعبي المغربي بأن حب الجزائري للأغنية المغربية في كل أنواعها دليل على المحبة واللحمة بين الشعبين، وعلى أن الموسيقى وسيلة لتوحيد الناس وهو ما يتوافق مع شعار المهرجان.
«كادير الجابوني”..النّجاح مسؤولية
كان من البديهي أن يختار منظمو المهرجان نجما شبابيا ليختتم التظاهرة، وكان كادير الجابوني عنوان هذا الخيار الذي يبدو أنه أعطى ثماره. كانت بداية الجابوني عاطفية بأغنية “غير اقعدي بعيدة وأنت امرأة مريضة”، أغنية رددها الجمهور معه، أتبعها بأغنية “نباصيك معايا وقاع يعرفوك” ثم “ماما ميا” التي حققت نجاحا واسعا، إلى جانب أغان أخرى على غرار “جرحي ما برا”.
وفي كواليس الحفل، فتح كادير قلبه للصحافيين، حيث اعتبر بأنه على الرغم من أن الجمهور يتابعه عبر مختلف وسائط الاتصال، إلا أنّ الغناء مباشرة أمام الجمهور له وقع خاص ومختلف وفيه يقاس الفنان ويقف أمام الامتحان الحقيقي، “والحمد لله في كل مرة أحقّق نجاحا كبيرا في كل الحفلات التي أنشّطها سواء في الجزائر أو الخارج، وأينما حللت أجد الجمهور حاضرا وبقوة”، يقول كادير.
وتحدّث كادير عن جديده، مشيرا إلى ألبوم جديد يحضر له، إضافة إلى فيديو كليب تم تصويره في مدينة ميامي الأمريكية، وسيرى النور قريبا، وتتحدث أغنيته عن الفرحة والأمل.
وأكّد كادير الجابوني على أهمية العمل المتواصل والجدية، “أنا لا أتوقّف أبدا وأبحث دائما عن الكلمة واللحن المناسب، وهذا يأتي من خلال معرفتي بما يحبه الجمهور”، واعتبر الفنان بأن حب الجمهور “بقدر ما يسعدني فإنه يحمّلني مسؤولية أكبر حتى أقدّم أفضل ما عندي، وأكون عند حسن ظن الجمهور دائما”، قال كادير.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024