حرصت سميرة بن ادريس، صاحبة دار نشر «الإبريز»، على التأكيد بأن خياراتها كناشرة مبنية على الرسالة التي تنقلها الكتب، أكثر من الربح المادي.. وتقول سميرة لـ«الشعب» إنها راهنت على مجموعة إصدارات ذات صلة بالأحداث الحالية، منها كتاب «الإسلام المتسامح والمسالم: صورة موجزة عن تاريخ ومبادئ الإباضية» الذي يحاول تبديد الأحكام الخاطئة حول هذا المذهب.
يحاول هذا الكتاب، تقول محدثتنا، إعادة الأمور إلى نصابها، وإبراز أن ما يحدث من فتن لا علاقة له بالإسلام كدين، ولا بالإباضية كمذهب، مؤكدة أنه في متناول الجميع وكتب في لغة سهلة. كما يعمل على إعطاء لمحة وجيزة عن التاريخ والمبادئ الأساسية للإباضية، وذلك رفعا لكثير من اللبس الذي يقع فيه البعض حسب المؤلف.
وقد لاحظنا أن الكتاب صادر باللغة الفرنسية، رغم أن مؤلفه يتقن اللغة العربية، وتجيب محدثتنا بأن الهدف من وراء ذلك هو توفر الكتب التي تتطرق إلى هذا الموضوع بالعربية، لذا فضّل محمد ماسن استهداف جمهور من القراء باللغة الفرنسية، إما من الجزائريين الذين ربما لم تتح لهم الفرصة لفهم كنه هذه المسألة الجامعة بين الدين و التاريخ، وإما من الأجانب الذين يعتمدون على بعض وسائل الإعلام الأجنبية التي كثيرا ما تعتمد الدعاية المغرضة والتضليل الإعلامي. ومع ذلك تشير صاحبة دار نشر «الإبريز» إلى أن اللغة لا يفترض أن تشكل عائقا أمام القارئ، وأنها مبرر مختلق، والدليل هو تدني المقروئية باختلاف اللغة المستعملة، تقول بن ادريس. ويقول صاحب تقديم الكتاب، الدكتور عمار طالبي، إننا إذا اعتبرنا المذهب الإباضي على أنه حركة دينية وسياسية مسلمة معارضة، وأنها كانت من بين الحركات الأولى التي تدعى بـ»المحكّمة»، والتي رفضت الوساطة بين الإمام علي ومعاوية، فإنه يتوجب علينا التفريق بينها وبين فرق الخوارج، التي هي فرق متطرفة وصفت من يخالفها من المسلمين بالمشركين. ويضيف الطالبي أن الأمويين كانوا قد ربطوا بين الإباضية والخارجية، من أجل تأليب الرأي العام عليهم.
نشير إلى أن محمد ماسن، مؤلف الكتاب والخبير في مجال الطاقة الكهربائية، هو من مواليد منطقة القرارة بغرداية، درس بالمدرسة متعددة التقنيات بلوزان السويسرية، وعمل في مجال الهندسة الإلكترونية من 1965 إلى غاية 1996 بالمؤسسة الوطنية «سونلغاز» حيث شغل مناصب سامية، قبل أن يتحوّل إلى الكتابة. كما حدثتنا المشرفة على دار «الإبريز» عن كتاب ثان بالفرنسية عنوانه: «الجزائر في القلب»، يتطرق إلى الصورة المغلوطة التي تقدمها بعض وسائل الإعلام الأجنبية، عن جزائر آمنة ومرحبة بزوارها. وتقول السيدة سميرة إن خيار نشره نابع من القلب، حيث إن كاتبته الفرنسية آني سيكييه بلان، فاعلة خير من الطراز الأول، إذ أنها مشرفة على دار استقبال بمونبلييه الفرنسية، مخصصة لعائلات المرضى المقيمين في المستشفيات، آخذة بعين الاعتبار المصاريف الكبيرة التي تضطر هذه العائلات لدفعها وتعمل على نشر هذه المبادرة عبر العالم، في دول مثل تركيا والمغرب، وينتظر أن تفتتح دار استقبال مشابهة في عنابة شرق الجزائر شهر مارس من السنة المقبلة، نزولا عند رغبة المرحومة مليكة حنون، رئيسة جمعية الأمل بعنابة، والتي عملت جاهدة على تحقيق هذا المشروع إلا أن الأقدار شاءت أن تفارق الحياة قبل رؤيته يتحقق.