يعرض المصور الفوتوغرافي رشيد عيادي، بالجزائر العاصمة، مجموعة من أعماله الفنية تحت عنوان “روح في ضبابية”، حيث يقترب من خلالها من عالم الرقص بنظرة حداثية، متأملا في معانيه بعيدا عن الجانب المرئي.
يقدم عيادي برواق “الزوار آرت”، وإلى غاية 27 ديسمبر الجاري، مجموعته الفوتوغرافية الجديدة التي استوقف فيها الحركة الإيقاعية في الرقص ونظر إليها بعمق وتأملها مطولا، ليكتشف الجمال الكامن وراء تلك الحركة ومعاني الحالة الإبداعية الإنسانية الفريدة للراقص وهو يتماهى مع الموسيقى روحيا بعيدا عن عالم الملموس.
واستطاع المصور، في هذا الإطار، أن يعبر عن الرقص وفق نظرة حداثية تمكنه من تذوق هذا الفن كوحدة متكاملة لا يمكن عزلها عن باقي الفنون الأخرى، مثل المسرح والتصوير والفيديو، وغيرها من وسائل الاتصال القادرة على اقتناص اللحظة وتحويلها إلى شيء آخر جديد.
وتظهر أعمال عيادي شغفه الكبير بالفنون التعبيرية والركحية، على غرار الرقص بكل أنواعه كالكلاسيكي والشعبي والتقليدي والمعاصر، وكذلك بالموسيقى التي يستلهم الراقصون من ريتمها حركة مضبوطة ومحسوبة بدقة، كما استعار الفنان صورا جديدة تشكلت في مخيلته، بالاستعانة بتقنيات حديثة تمنح الحركة امتدادا بصريا ضوئيا يشبه الظل أو السراب ويضع الأجساد المتراقصة في أجواء ضبابية مشحونة بالغموض وقابلة للتأويل.
وتعبر أيضا عناوين اللوحات المعروضة عن بعض أفكاره المتفجرة بعد كل لقطة تم تصويرها مثل “ألحان الريح”، “رقصة البجع”، “شموع”، “سفر”، “حوار”، “في الهواء”، “العصفور”، “ديوان” و«سبيبة”، في حين تبرز أخرى الحس الفني للمصور وعدم اكتفائه باستعمال تقنية التصوير.
وتنبع من هذه اللوحات أبعاد فلسفية وصوفية، تتحدث عن الفن بصفته لحظة احتراق ومعبر للضوء في آن واحد، إذ تظهر الرقص كفعل اجتماعي وثقافي وحضاري، وقد انتقل عيادي فيها من ركح راقصات البالي إلى حوارية جيل الهيب هوب، مرورا بلحظة الحضور والغياب على أوتار آلة القمبري في رقصة الديوان، ووصولا إلى “موسم سبيبة” الفاخر بجنوب الجزائر، حيث الأزياء والرقصات وكوريغرافية الفرح تفتح شهية التصوير.
وتحلى المصور بكثير من الخيال والمرونة والحرية ليعيد تشكيل صوره الفوتوغرافية ليمنحها القدرة على الحركة دون توقف أمام المتلقي، إذ حررها من الإدراك الحسي وأطلق العنان لحوار فني بحثا عن جسور وصل بين الضوء والخطوط والظلال للوصول إلى قيمة تعبيرية في اللوحة التصويرية.