أكّد الدكتور أحسن تليلاني أنّ مسرح الهواة في الجزائر، موجود منذ نشأة المسرح الجزائري، وتأسّس أصلا على يد هواة في العشرينيات من القرن الماضي، قائلا بأنّه أثبت فاعليته من خلال عطائه الدائم والمستمرّ، على الرغم من كلّ الصعوبات التي يعاني منها، بدءاً من الإمكانات المادية المتواضعة، وعدم توفر الأندية والفضاءات التي تلائم حجم الفرق الناشطة فيه.
ذكر الدكتور أحسن تليلاني في تصريح لـ«الشعب”، أنّ مسرح الهواة نشأ على يد ثلّة مبدعة من الفنّانين، أمثال علالو، بشطارزي، رشيد قسنطيني وغيرهم، وظلّ يمارس في إطار الهواة، وقال: “وعليه فإنّ التاريخ الكامل للمسرح الجزائري هو في نطاق مسرح الهواة، وبعدما نالت الجزائر استقلالها وتأسّست المسارح المحترفة، بدءا بمسرح العاصمة ثمّ قسنطينة فوهران ثمّ عنابة عام 1972، فإنّ مسرح الهواة بقي يُمارس وبقي موجودا خاصّة في المدارس والجامعات والحركات الشبّانية”.
ويواصل المتحدّث، أنّ مسرح الهواة له تاريخ طويل وعريق وله مهرجان وطني كبير، ألا وهو مهرجان مسرح الهواة الذي تأسّس في مستغانم، وما يزال ينعقد إلى اليوم تتويجا للمسرح الهاوي، مضيفا “ولحدّ اليوم فإنّ مسرح الهواة، على غرار ما سبق ذكره، فهو موجود على مستوى الجمعيات التي تعنى بالمسرح، وأيضا على مستوى دور الشباب، حيث ينشّط المنتمين والمنخرطين فيها ويقدّمون عروضا في نطاق مسرح الهواة”.
وفيما يخصّ التحدّيات التي تواجه مسرح الهواة، أفاد احسن تليلاني أنّ هناك تحدّيات كثيرة، أولا تتعلّق بالإمكانات والتأطير، مبرزا أنّ “من بين المشكلات الرئيسية لمسرح الهواة تتمثل في ضعف الإمكانات، وكونه ينشّط من قبل شخوص هاوية ومحبة للمسرح، رغم أنّ الإمكانات غير المتوفرة مثل فضاءات للتدريب وغيرها، إلا أنّها مازالت تواصل إثبات وجودها”.
ومن جانب آخر - يقول محدّثنا- تكمن التحدّيات أيضا على مستوى الإخراج، فالمسرحيات لا بدّ لها من إخراج وتأطير وتكوين أكاديمي وسنيوغرافيا وتمثيل، ولكن مع ذلك بقي الأخير يشكّل أهم الروافد التي تغني التجربة المسرحية الجزائرية.
ويرى تليلاني بأنّ مسرح الهواة ساهم مساهمة كبيرة في انتشار المسرح، مشيرا إلى أنّ مسرح الهواة باعتبار من يمارسوه هواة، فهو موجود في كلّ مكان، في المدارس والثانويات والجامعات ودور الشباب والمراكز الثقافية والمسارح والجمعيات والنوادي.
احسن تليلاني أكّد على أهمية هذا النوع من المسارح، مؤكّدا بأنّه ومن خلاله يمارسون المسرح بكلّ حرية، ويقدّمون تجارب جديدة، وقال في ختام حديثه “مسرح الهواة هو في الحقيقة مشتلة للتجارب المسرحية الكبيرة، كما أنّه لا يتقيّد بقواعد الفنّ وفق إطار أكاديمي كامل، فعادة المبدعون يجرّبون ويقومون بتجارب جديدة ويستحضرون أعمالا عالمية، ما تعلّق بمسرح الهواة وما تعلّق باختيار الفضاءات المسرحية، وما تعلّق بقضية النصوص، حيث يمكن أن يكون التأليف جماعي، عكس المسرحيات التي يقوم بكتابتها كاتب واحد فقط، كما أنّه يتميّز باستعمال لغة جسدية جديدة، وعليه لا بدّ أن نمتنّ لمسرح الهواة لأنّه بحقّ رغم كلّ العراقيل التي يواجهها، يثري التجربة المسرحية ككلّ”.