قدّمت المخرجة هاجر سباطة، مؤخرا، ماستر كلاس في المعهد العالي للسينما بالقليعة، حيث شاركت تجربتها السينمائية مع الطلبة، مستعرضة كيف يمكن للسينما أن تكون وسيلة قويّة لتحفيز التفكير النقدي والإنساني. من خلال فيلمها الأول “الطيارة الصفراء”.
أكّدت سباطة على أهمية موازنة القيم الإنسانية مع الأحداث التاريخية، مقدّمة مثالا حيّا على كيفية تحويل الواقع إلى أعمال فنية تلامس مشاعر الجمهور وتثير نقاشات عميقة.
الورشة التي أطّرها الدكتور فيصل صاحبي، بحضور مدير المعهد الياس بوخموشة ومدير الدراسات بشير بن سالم، استعرضت خلالها المخرجة والكاتبة هاجر سباطة، تفاصيل تجربتها السينمائية وعملها في إخراج فيلمها الأول “الطيارة الصفراء”، حيث شكّلت فرصة للطلبة للتعرّف على مراحل رحلتها الفنية، التي تجمع بين التحدّي والإبداع في مجال السينما.
وأوضحت سباطة أنّه كان من الضروري تحديد رسالة الفيلم بشكل واضح منذ البداية، حيث سعت إلى إيجاد التوازن بين الطابع التاريخي للأحداث والجانب الإنساني للشخصيات. وأشارت إلى أنّ فيلم “الطيارة الصفراء” يركّز على قيم عالمية مثل التضحية، الحب، والصراع من أجل الحرية، وهو ما يتجسّد في شخصيات الفيلم التي تمثل التحدّيات والصراعات التي مرّ بها الأفراد في فترة زمنية حسّاسة.
كما تطرّقت إلى أهمية بناء الشخصيات السينمائية بشكل دقيق، مشيرة إلى شخصية “جميلة” التي تمثل الأمل والإرادة في مواجهة التحدّيات، بالإضافة إلى “مصطفى” الذي يعكس الصراع بين التقاليد والحداثة، و«سعيد” الذي يواجه التحدّي بين الوفاء للوطن والالتزامات العائلية. وأوضحت سباطة أنّ هذه الشخصيات تمثل تجارب إنسانية قديمة ومتجدّدة في آن واحد، ممّا يساهم في جعل العمل الفني أكثر تفاعلا مع الجمهور.
كما ناقشت أيضا سباطة الطريقة التي استخدمت بها تقنيات السرد السينمائي، مثل الفلاش باك والصمت، لإبراز التوتر الداخلي بين الشخصيات والبيئة المحيطة بهم. هذه التقنيات كانت أساسية لإضافة أبعاد جديدة للدراما، ممّا ساعد في تحقيق التفاعل المطلوب بين الفيلم والجمهور.
في الجزء الأخير من حديثها، ركّزت سباطة على التحدّيات التي واجهتها في العمل الإنتاجي، لا سيما في ظلّ الميزانية المحدودة. وأكّدت على أنّ إدارة الإنتاج بشكل فعّال وإيجاد حلول بديلة كانا مفتاحين لتحقيق النجاح في تقديم هذا العمل السينمائي الذي يوازي الطموحات الفنية مع الظروف المتاحة.
وفي ختام الورشة، نظّم الطلبة نشاطا تطبيقيا تمّ فيه توزيعهم إلى مجموعات لتطوير أفكار لكتابة سيناريوهات قصيرة مستوحاة من قضايا إنسانية واجتماعية. وقدّمت المخرجة ملاحظات مهمّة حول كيفية بناء الشخصيات وتطوير الحبكة الدرامية، مؤكّدة على أهمية الإيمان بالفكرة والعمل المستمرّ لتحقيق النجاح. كما أبرزت أهمية النظر إلى التحدّيات والصعوبات كفرص للتعلّم والنموّ الفني.
ويرى ملاحظون أنّ تجربة المخرجة هاجر سباطة في السينما الجزائرية تعدّ نموذجا حيّا لدمج الأحداث التاريخية مع القيم الإنسانية في أعمال فنية. من خلال فيلمها الأول “الطيارة الصفراء” ورؤيتها الإبداعية، حيث تمكّنت من تقديم فيلم يثير التفكير النقدي ويعكس الصراعات الإنسانية عبر شخصيات تنبض بالحياة. ورغم التحدّيات التي واجهتها خلال مراحل الإنتاج، استطاعت سباطة تقديم عمل فني يعكس قدرتها على التكيّف مع الظروف المحيطة. ويعتقد أنّ جهودها في مجال السينما الجزائرية ستظلّ إضافة هامّة، مع آفاق واعدة لتطوّر الإبداع السينمائي المحلّي والدولي.