أول كورية – آسيويـة تحصل على جائزة نوبـل للأدب.. هــان كانــغ:

لا يمكــن الاحتفـال وحرب الإبـادة متواصلة في فلسطين

أعلنت الأكاديمية السويدية، الخميس المنصرم، فوز الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ بجائزة نوبل للآداب لعام 2024 “لنثرها الشعري المكثّف الذي يواجه الصدمات التاريخية، ويكشف هشاشة الحياة البشرية”، لتصبح أول كورية جنوبية تفوز بجائزة نوبل للآداب.
ولاحظت الأكاديمية السويدية أنّ “أعمال هان كانغ تتميّز بـ«التعرّض المزدوج للألم، والتوافق بين العذاب العقلي والعذاب الجسدي، في ارتباط وثيق بالفكر الشرقي”، وقال رئيس لجنة نوبل أندرس أولسون إنّ الكاتبة الموهوبة تتمتّع “بوعي فريد بالروابط بين الجسد والروح، وبين الأحياء والأموات، ومن خلال أسلوبها الشعري والتجريبي، تعتبر مبتكرة في مجال النثر المعاصر”.
وحقّقت هان كانغ المقيمة بالعاصمة الكورية سول، نجاحا عالميا بروايتها “النباتية”The Vegetarian  الصادرة عام 2007 التي فازت بجائزة مان بوكر الدولية في عام 2016. وتصور الرواية المؤلّفة في ثلاثة أجزاء، العواقب العنيفة لرفض بطلة الرواية يونغ هاي أكل اللحوم، ممّا جعل محيطها ينبذها بقساوة.

لا فـرح بـنوبل.. وقت الإبـادة

ورفضت الأديبة الكورية الجنوبية هان كانغ، وهي أول كورية وآسيوية تفوز بجائزة نوبل للآداب، عقد مؤتمر صحفي عقب فوزها بالجائزة، الخميس المنصرم، مشيرة إلى المآسي العالمية الناجمة عن الحرب في العالم.
ونقل والدها، الروائي هان سونغ وون، البالغ من العمر 85 عامًا، رسالتها خلال مؤتمر صحفي في مدرسة هان سونغ وون الأدبية في جانجهيونج، بمقاطعة جولا الجنوبية، وقال: “قالت لي (هان كانغ).. مع تصاعد الحرب وقتل الناس كلّ يوم، كيف يمكننا أن نحتفل أو نعقد مؤتمرا صحفيا؟”، وأضاف: “إنّها لن تعقد مؤتمرا صحفيا”، بحسب ما نقلت صحيفة هانكوك إلبو الكورية الجنوبية العريقة ونسختها الإنجليزية صحيفة كوريا تايمز.
وأوضح “كنت أخطّط لإقامة حفل هنا من أجل السكان المحليين، لكن ابنتي أخبرتني ألاّ أفعل. وقالت: من فضلك لا تحتفل بينما نشهد هذه الأحداث المأساوية” (في إشارة إلى حربي أوكرانيا، والكيان الصهيوني على غزّة ولبنان).
روايات كانغ تنفذ من المكتبات الـكورية
وفسّر والد الكاتبة النوبلية، حماسة الناس لشراء كتب كانغ بأنّها الأولى باللغة الكورية التي تنال جائزة نوبل للآداب، فيما قدّرت مصادر عدد المبيعات بقرابة 100 ألف نسخة في يوم الجمعة، أيّ أكثر بمئات المرات من اليوم السابق.
وارتفعت أسعار أسهم المكتبات عبر الإنترنت على غرار “يس 24″ و«ميلّي سيوجاي” الجمعة، بنسبة قاربت 30 بالمائة، ما أدّى إلى تعليق التداول بها.
وقال يون كي-هيون (32 عاما) في أثناء زيارته مكتبة وسط سول إنّ “هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها كوري جنوبي على جائزة نوبل في الأدب، فيا له من شعور”، وأضاف أنّ “كوريا الجنوبية لم تحقّق إنجازات تذكر في نيل جوائز نوبل، لذا فوجئت بأخبار فوز كاتبة تؤلّف كتبا بغير الإنجليزية، أيّ باللغة الكورية، بهذه الجائزة المرموقة”.
وبعد وقت قصير من إعلان الخميس، تعطّلت بعض مواقع المكتبات الإلكترونية بسبب التدفق الكبير للزوار. ووفقا لموقع “كيوبو” الكوري، فإنّ 9 من بين أفضل 10 كتب مبيعا كانت من تأليف هان.
من جهته، قال والد هان كانغ، إنّ ترجمة روايتها “النباتية” إلى لغات أخرى دفعتها نحو العالمية، وساهمت في حصولها على جائزة مان بوكر الدولية عام 2016، والآن جائزة نوبل، وأوضح قائلا: “كتابة ابنتي حساسة للغاية وجميلة وحزينة”.
وتابع: “لذا، فإنّ أسلوب ترجمة هذه الجمل الحزينة إلى لغة أجنبية هو الذي سيحدّد إذا ما كنت ستفوز.. ويبدو أنّ المترجم كان الشخص الأنسب لنقل الطابع الفريد للغة الكورية”.
ومنذ الخميس، لم تدل هان بأيّ تصريحات وتجنّبت المقابلات المنفصلة ووسائل الإعلام، في حين قال والدها إنّها قد تستمر في تجنّب الأضواء، وأضاف أنّ ابنته قالت “إنّه في ظلّ الحروب الضارية بين روسيا وأوكرانيا والكيان الصهيوني والفلسطينيين وسقوط قتلى كلّ يوم، كيف يمكنني الاحتفال وعقد مؤتمر صحفي مبهج؟”.
وتابع قائلا إنّ ابنته تلقت خبر فوزها قبل الإعلان بنحو 10 إلى 15 دقيقة، وإنّها كانت مندهشة للغاية، لدرجة أنّها اعتقدت في لحظة ما أنّ الأمر قد يكون خدعة.
وأوضحت الأكاديمية السويدية أنّ هان كانغ، التي تكتب قصائد وروايات باللغة الكورية، نالت الجائزة “عن نثرها الشعري المكثّف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية”.

روايات الهشاشة الإنسانـية

في مجمل أعمالها، تتعرّض هان للصدمات التاريخية ومجموعات الأعراف والقواعد المجتمعية غير المرئية، وفي كلّ من أعمالها تكشف عن هشاشة الحياة البشرية، كما أنّ لديها وعيا فريدا بالعلاقات بين الجسد والروح، وبين الأحياء والأموات، وقد أصبحت بأسلوبها الشعري والتجريبي مبتكرة في النثر المعاصر، حسب تعبير الأكاديمية السويدية التي تمنح جائزة نوبل.
جاء نجاح هان كانغ الدولي الكبير مع رواية “النباتية” (2007) التي كتبتها في 3 أجزاء، والتي تصوّر العواقب العنيفة التي تنجم عندما ترفض بطلتها يونغ هاي الامتثال لقواعد تناول الطعام.
يُقابل قرارها بعدم أكل اللّحم بردود فعل متنوّعة تمامًا؛ يتم رفض سلوكها بالقوّة من قبل زوجها ووالدها المتسلّط، ويتم استغلالها من قبل زوج شقيقتها، وهو فنان فيديو لا يرى مشكلة في الاعتداء عليها.. في النهاية، تُساق إلى عيادة نفسية، حيث تحاول أختها إنقاذها وإعادتها إلى الحياة الطبيعية. ومع ذلك، تنغمس يونغ هاي في حالة تشبه “الذُّهان” تُعبّر عنها من خلال “الأشجار الملتهبة”، لتكون رمزا لمملكة نباتية جذابة بقدر ما هي خطيرة.
في رواية “أفعال بشرية” (2014)، تستخدم هان حدثا تاريخيا وقع بمدينة غوانغجو بوصفه أساسا سياسيا لها، حيث نشأت، وقُتل مئات الطلاب والمدنيين العزّل عام 1980.
وفي سعيها لإعطاء صوت لضحايا التاريخ، تواجه الرواية هذا الحدث بتجسيد قاسٍ، وبذلك تقارب نوع أدب الشهادات. في عملها “الكتاب الأبيض” (2016) يسود مرة أخرى الأسلوب الشعري لهان كانغ؛ الرواية مرثية مكرّسة للشخص الذي كان من الممكن أن يكون الأخت الكبرى للساردة، ولكنّها توفيت بعد ساعات قليلة من ولادتها. ومن خلال سلسلة من الملاحظات القصيرة، وكلّها تتعلّق بأشياء بيضاء، يتشكّل العمل ككلّ بصورة ترابطية، من خلال هذا اللّون الذي يعبّر عن الحزن في الثقافة الكورية.
وفي عملها “لا تقل وداعا” (2021)، الذي يتصل من حيث تصويره للألم بـ«الكتاب الأبيض”، تستمر القصة في ظلّ مذبحة وقعت أواخر الأربعينيات في جزيرة جيجو في كوريا الجنوبية، حيث قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص، بينهم أطفال وكبار السنّ، بشبهة أنّهم متخابرون مع العدوّ. تصوّر الرواية عملية الحداد المشتركة التي تقوم بها الساردة وصديقتها إنسيون، اللّذان يحملان معهما صدمة مرتبطة بالكارثة التي حلّت بأقاربهما حتى بعد وقت طويل من الحدث.
الوكالات

 

هان كانغ في سطـــور
هان كانغ، روائية كورية جنوبية، فازت بجائزة مان بوكر الدولية عام 2016 عن روايتها النباتية. حصلت على جائزة نوبل في الآداب لعام 2024 “لنثرها الشعري المكثّف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية”. مترجم لها بالعربي رواية “النباتية” ورواية “أفعال بشرية” ورواية “الكتاب الأبيض”.
وحقّقت هان كانغ نجاحًا عالميًا بروايتها  The Vegetarian “النباتية” عام 2007. ويصوّر الكتاب المؤلّف من ثلاثة أجزاء العواقب العنيفة لرفض بطلة الرواية يونغ هاي أكل اللّحوم، ممّا جعل محيطها ينبذها بقساوة.
هان كانغ هي ابنة الروائي هان سيونغ وون. ولدت في 27 نوفمبر 1970 في جوانجو، وانتقلت إلى سيوري عندما كانت طفلة (التي تتحدّث في روايتها “دروس اليونانية”) في سيول. شقيقها هان دونغ ريم كاتب أيضًا. درست الأدب الكوري في جامعة يونسي. في عام 1998 تم تسجيل هانغ في برنامج الكتابة الدولي بجامعة أيوا. اهتمت هان كانغ بالفن والموسيقى، فانعكس ذلك على أسلوبها في الكتابة.
بدأت كانغ مسيرتها المهنية في مجال النشر عندما ظهرت خمس من قصائدها، بما في ذلك “الشتاء في سيول”، في عدد شتاء 1993 من مجلة الأدب والمجتمع الفصلية. ظهرت لأول مرة في مجال الخيال في العام التالي عندما كتبت قصتها القصيرة “المرساة القرمزية”.

أسلوبها

حسب لجنة التحكيم جائزة مان بوكر الدولية، نجحت الكاتبة في إظهار التلاحم الطريف بين الجمال والرعب عبر سرد مركّز ودقيق ومروّع، واعتبرت لجنة نوبل أنّ كتابتها الشعرية النثرية المكثّفة تواجه الصدمات التاريخية وتكشف عن هشاشة الحياة البشرية. وقال السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية ماتس مالم، خلال الحفل، إنّ الكاتبة «تتمتّع هان بوعي فريد حول الروابط بين الجسد والروح، وبين الأحياء والأموات، وتتميّز بأسلوبها الشعري والتجريبي الذي جعلها رائدة في النثر المعاصر.٫

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024