شدّد المترجم والكاتب عمَّار قواسمية، في تصريح لـ»الشعب»، على ضرورة الاهتمام بالترجمة في حال ما إذا كان هناك تفكير بتحقيق النهضة أو التنمية، مؤكّدا أنّ واقع الترجمة بالجزائر اليوم يقف على أرض متشقّقة ويراوح مكانه، وجدّد قواسمية الدعوة إلى إنشاء مركز وطني للترجمة؛ يساهم في الارتقاء بالمكانة التي يستحقّها المترجم الذي سيخدم الترجمة كي تخدم الوطن.
ويؤكّد قواسمية على أهمية الترجمة في العالم العربي والغربي، انطلاقا من «جورج صليبا» الذي يقول «لا نهضة فكرية دُونَ حركة الترجمة»، و»جابر عصفور» الذي يسميها «قاطرة التقدّم»، ليتحدّث بعدها عن واقع الترجمة بالجزائر قائلا: «..أما اليوم فواقع الترجمة يقف على أرض متشقّقة، أو إنّه يراوح مكانه، أو فلنقُل إنّه (واقع)، وهذا اسم فاعل من الفعل (وقع) بمعنى سقط، وإنّه لسقوط مُقيم إذا لم ننتبه ونتدارك..!»، ليتساءل المتحدّث: «أين الترجمة اليوم في بلادنا إذَا لم توجد مؤسّسة وطنية حقيقية ترعاها وتضبط الجهود الفردية المتناثرة المشتّتة؟
وفي سياق حديثه، جدّد قواسمية الدَّعوَةَ إلى المسارعة بإنشاء «المركز الوطني للترجمة»؛ مضيفا أنّه بمناسبة اليوم الدَّولي للترجمة 30 سبتمبر، لا يَسَعُني إلا أن أُؤَكِّدَ - وهذا دأبي وأدبي في كلّ مرة - أهمية الترجمة وأدوار المترجِمِين فحسب، بل من واجبي أن أعَدِّدَ التحدّيات والصعوبات التي تواجههم أيضا، ومنها: تشتت الجهود، وعدم ضبط تسعيرة حقيقية موحّدة للترجمة، وكابوس الحصول على حقوق الترجمة للكتب، وضعف سوق الكتاب المترجم، لا سيما الكتب العلمية، وعزوف دُور النشر على دعم هذه المشاريع أو دعمها بمقابل مالي ضخم.
وتابع: «كلّ هذه الشؤون والشجون غيض من فيض ممّا نعاني، وهي فيض من غيظ يشعر به المترجم الحقيقي المستعد لتقديم خدمة متقنة وأمينة، لو أنّ مؤسّسة وطنية حقيقية تدعمه وتوفر له الأدوات والإمكانات اللازمة، فلا يُمكِن النهوض بالترجمة دون نية حقيقية».
ويرى الكاتب عمار قواسمية ضرورة أن تولي الدولة الجزائرية اهتماما أوسع بالترجمة وما يلحقها، فمن منظوره، تعجّ بلادنا بالمترجمِين الأكْفاء وبالمدقّقين اللغويين، ليس بأقلّ بما تزخر به من مؤلِّفين وكُتَّاب ومبدِعِين ونُقَّاد، قائلا بأنّ هذا الزخم يعدّ رأس مال فكري عظيم.
ويقترح قواسمية أن ننظر إلى النهوض بالترجمة من جوانبه المتعدّدة: بداية بالتكوين النوعي لطلبة الترجمة، وأشدّد هنا على ضرورة ربط تكوينهم بسوق العمل، ثم ضمان فرص العمل في تخصّصهم مستقبلا؛ لأنّ جُلَّهُم -إن لم نقل كُلَّهم- يتجهون إلى التعليم، إلى جانب إنشاء «المركز الوطني للترجمة» الذي من شأنه تحقيق وتنظيم سوق المهنة في البلاد، وتأثيثه بلجان قراءة ترشّح لنا المؤلَّفات الحديثة في شتى العلوم، والحصول على حقوق ترجمتها، والمباشرة فيها.
واختتم قائلا: «..وفي ما قَلَّ ودَلَّ أقول: نَعَم للاعتِزاز اللغوي باللُّغَتَين الوطنيَّتَن، ولا للاستِلاب اللغوي، ونَعَم للترجمة والتعريب واللَّحاق بِالرَّكب العالَمي وتجاوزه».