كتاب «المجتمع الشبكي» من سلسلة «ترجمان» هو الترجمة العربية لكتاب The Network Society لدارن بارني. قام بترجمته أنور الجمعاوي (268 من القطع الكبير، 2015). ويتناول الكتاب قضايا «اقتصاد المعرفة»، ومعنى العمالة والبطالة في العصر الرقمي، والعولمة وحال الدولة القومية، والحركات الاجتماعية الجديدة، والثقافة والجماعة والهويّة في عصر الإعلام الجديد؛ وذلك بلغة يسيرة واضحة وتتبّع دقيق لا يكاد يفوته أيّ جديد.
ويحاول هذا الكتاب الذي لا غنى للباحثين في العلوم الإنسانية عنه، إثارة أسئلة من قبيل ما الذي فعلته الثورة الرقمية بعالمنا؟ هل ولّدت تقانات المعلومات والاتصال الجديدة مجتمعًا جديدًا؟ أم أنّها اكتفت بتعزيز الأنساق والعلاقات القائمة وتوسيعها؟ ما هي النتائج الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي ترتّبت على التقانات الشبكية وتطبيقاتها في مجالٍ واسع من الممارسات والمؤسّسات؟ ويحاول الكتاب أيضًا الإجابة عن هذه التساؤلات؛ مستخدمًا نموذجًا متقَنًا ومعقّدًا للعلاقة بين التقانة والمجتمع.وجاء الكتاب في خمسة فصول. الفصل الأوّل بعنوان المجتمع الشبكي. وفيه يقوم الكاتب بتحديد موقع أطروحة المجتمع الشبكي في علاقته بعددٍ من المقاربات والنظريات التي برزت على الساحة في العقود الأخيرة من القرن العشرين. ويعرض أيضًا تحليلًا معمّقًا لطبيعة الشكل الشبكي. ويقدّم العناصر الرئيسة لأطروحة المجتمع الشبكي، فضلًا عن تقديم عرض موجز للكيفية التي تتفرّع بها تلك العناصر في الهويّة والاقتصاد والسياسة؛ وذلك في إطار مقاربة شمولية للمجتمع المعاصر.
ويتطرّق الكتاب في الفصل الثاني، «التقانة الشبكية»، إلى طبيعة العلاقة بين التشكيلة الاجتماعية والتقانة عمومًا؛ مناقشًا مختلف نظريات التقانة، خاتمًا الفصل بعرض سمات التقانة الشبكية المعاصرة التي ظهرت في السياق الراهن، بوصفها الأهمّ بين الآثار الاجتماعية للتقانة والفرص التي تتيحها.وفي الفصل الثالث، الاقتصاد الشبكي، يوضح المؤلّف المفهوم. ويتحدّث باستفاضة عن العلاقة بين الرأسمالية والمجتمع الشبكي؛ مشيرًا إلى أنّ المجتمع الشبكي مَهْما تكن طبيعته هو مجتمع رأسمالي، موضحًا أنّه لا يمكن فصل التنظيم الاقتصادي للمجتمع الشبكي عن دينامية العولمة الاقتصادية.أمّا الفصل الرابع، السياسات الشبكية، فيناقش العلاقة بين السياسة والمجتمع الشبكي عبر ثلاث طرائق: تتمثّل الأولى في فحص الأفول المزعوم للدولة القومية بتأثير من ديناميات العولمة، بوصف الدولة القومية الوعاء الأوّل للقوّة السياسية والتنظيم والتطبيق العملي في الحقبة الراهنة، وتتمثّل الثانية في التدقيق في «السياسات الجديدة» التي تقدَّم على أنّها الحالة الدائمة للأوضاع السياسية في المجتمع الشبكي. أمّا الطريقة الثالثة، فهي تقويم التوقّعات الديمقراطية للحياة السياسية في خضمّ المجتمع الشبكي.ويختتم الكتاب بالفصل الخامس الهوية الشبكية، متحدّثًا عن أثر التقانة الشبكية في هويّة كلٍّ من الفرد والجماعة، وعن نزع مادة الهويّة والجماعة من مناطقها لتأخذ في التدفّق عبر الحدود الجيوسياسية بيسرٍ متزايد، موضحًا أنّ دور الدولة القومية لم يتراجع فقط في ما يتعلّق بالنشاط السياسي والاقتصادي، وإنّما كذلك في قدرتها على استيعاب الهوية والثقافة والجماعة، لنصل إلى وضعية «ما بعد القومية».