افتتح بالجزائر العاصمة معرض تشكيلي جماعي يضمّ سلسلة من الأعمال من إبداع ثلاث فنّانات تشكيليات، في المنمنمات والزخرفة الإسلامية والحرف العربي، وكذا أعمال أخرى ذات نزعة واقعية، تتمحور حول التراث الثقافي الجزائري وجمال الطبيعة والتقاليد الشعبية العريقة.
ويحتضن رواق الفنّ أحمد ورابح عسلة التابع للمؤسّسة الثقافية التي تحمل نفس الاسم، هذا المعرض الذي يجمع قرابة 40 عملا فنيا، زيتيا ومائيا، لكلّ من الفنّانات قرمي مليكة، خماشو جميلة وباش سايس فريدة، وهي إبداعات تعكس تجارب فنية متنوّعة ومتعدّدة المشارب بأساليب وتقنيات مختلفة وبألوان متدفّقة بالحياة والجمال.
وتشترك الفنانات الثلاث، اللواتي تخرجن من جمعية الفنون الجميلة العريقة بالعاصمة وسبق لهنّ المشاركة في عديد المعارض الفنية بالجزائر، في ولعهنّ واشتغالهن على مواضيع ذات صلة بالتراث الجزائري الأصيل كاللباس والأزياء التقليدية للمرأة الجزائرية التي تشتهر بها كلّ منطقة من مناطق الوطن وكذا الحليّ والمجوهرات وفنون العمارة التقليدية الأصيلة كما في قصبة الجزائر وغيرها من المراكز العمرانية التراثية في الجزائر، إضافة إلى رصد جمال الطبيعة الساحر.
وتعرض الفنانة باش سايس فريدة، في هذا الإطار، ستّ لوحات فنية من الحجم الكبير في فن الزخرفة الإسلامية والمنمنمات من بينها “ العاصمية “، “الحايك”، “الطاووس” وأخرى في طابع الواقعية على غرار “المهراز” و«طبيعة صامتة” تبرز فيها بدقّة ومهارة جماليات العادات والتقاليد الجزائرية العريقة في قصبة الجزائر، في الأفراح والمناسبات مع تسليط الضوء على الدويرات والديكور الداخلي إلى جانب اللباس التراثي لنساء القصبة كالكراكو ومحرمة لفتول وخيط الروح والحلويات التقليدية والفخار والزليج وغيرها.
وبالمناسبة، أشارت الفنانة باش سايس في تصريحها لوأج أنّ تجربتها الفنية تدعّمت وتوسّعت “من خلال المشاركة في الورشات التي تنظمها جمعية الفنون الجميلة بقيادة الفنان الراحل مصطفى بلكحلة وعدد من الأساتذة المختصين في المجال التشكيلي”، كما “تدعّمت بتوظيف أجواء وتقنيات مدارس مختلفة انطلاقا من الواقعية ثم إتجهت إلى فنّ الزخرفة والمنمنمات التي استهوتها كثيرا لأصالتها وصولا إلى عالم الحروفية وفنّ الخط وهي تقنيات تستدعي الدقّة والجهد لتنفيذ مختلف تصاميمها الدقيقة واختيار الألوان بتناغم”.
ومن جهتها، تقترح الفنانة قرمي مليكة، 16 عملا فنيا بأحجام مختلفة تمازج فيها بين مختلف التقنيات والتيارات الفنية مع التركيز على الإستثمار في تصاميم تراث الزخرفة الإسلامية والمنمنمات لتجسّد أعمال راقية أثثتها باستعمال الورق المذهب وألوان زاهية كالأزرق والأخضر والبرتقالي، ومن بين هذه الأعمال “حديقة”، “أفراح”، “منارة جيجل”، “كاليغرافيا”، “الحلم “، “الصمت “، “القصبة” و« آثار تيبازة”.
وقالت المبدعة قرمي مليكة أنّها تعمل على تقديم أعمال “تحافظ على عناصر الموروث الثقافي الجزائري والحفاظ عليه للأجيال القادمة باعتبارها عناصر للهوية الوطنية والإفتخار بتراث الأجداد”.
وتعطي هذه الفنّانة، التي كانت متأثرة خلال مسارها بأعمال الفنّان الكبير محمد راسم، أهمية كبيرة لشكل تقديم لوحاتها خاصة نوعية الإطار.
وبدورها، ترحل الفنّانة جميلة خماشو بالجمهور عبر 14 لوحة فنية إلى عالم التراث الجزائري بكلّ ما يكتنزه من أصالة وحضور عبر التاريخ في مجالات الفنّ والأدب والموسيقى والعمران باستخدام جماليات الفنون الزخرفية وتقنيات فنّ المنمنمات على غرار أعمال تحمل عناوين “ قسنطينة “، القصبة”، “ ألف ليلة وليلة”، “عروس العاصمة”، “كاليغرافيا”، إضافة إلى لوحات حول الطبيعة كالأزهار والفواكه.
وقد أكّدت الفنّانة جميلة خماشو ولعها الكبير بممارسة فنّ الزخرفة والمنمنمات لإحياء تقاليد الفنّ الجزائري الأصيل، معتبرة أنّ الفنّ التشكيلي بمثابة “مغامرة ورحلة لونية بمواضيع أصيلة تسمح لها بلقاء ذاتها ولقاء العالم أيضا”، مضيفة أنّها “تنهل في أعمالها الفنية من خصائص الفنّ التشكيلي الجزائري ورواده”، وكذا “إبداعها الشخصي، حيث يشكّل هذا التمازج صميم أعمالها في الفنّ التشكيلي”. ويتواصل المعرض لغاية 5 أكتوبر المقبل.