تعد «مجموعة الاثنوغرافيا الافريقية»، برصيدها الذي يقارب الألف قطعة أصلية، من أهم مجموعات المتحف العمومي الوطني الباردو بالجزائر العاصمة، إذ تقدم نماذج نادرة لما يزخر به التراث الإفريقي من قيم وخصوصيات تقنية وجمالية وروحية محلية، وتمثل رصيدا وثائقيا يؤكد عبقرية وعمق الهوية الحضارية الإفريقية على امتداد التاريخ البشري.
وتضم هذه المجموعة النادرة، التي ترجع لمنتصف القرن 19 وبدايات القرن 20، 115 منحوتة (تماثيل)، 58 قناعا، 141 سلة، 412 أسلحة مختلفة، 41 آلة موسيقية، 22 قطعة من السمات والمقتنيات الملكية، إلى جانب 57 قطعة من المجوهرات والحلي المختلفة، وفق ما أوضحه مدير متحف الباردو حريشان زهير لـ «وأج».
وأشار المتحدّث إلى أن مقتنيات هذه المجموعة الإفريقية تعود في أغلبها لبلدان إفريقيا الوسطى والغربية والشرقية، وتشمل كل من «مالي، نيجيريا، كوت ديفوار، الكاميرون، بوركينافاسو، غانا، البنين، الغابون، جمهورية الكونغو، جمهورية الكونغو الديموقراطية، بورندي، أثيوبيا، رواندا إضافة إلى مدغشقر».
من جهته، أشار مسؤول قسم الآلات الموسيقية التقليدية والأسلحة للمجموعة الإفريقية، بلعيد بيطار لـ «وأج»، أن المجموعة تتكون في أغلبها من رصيد مقتنيات «استقدمها المستكشف العسكري الفرنسي ذي الأصول الإيطالية بيير دي برازا (1852 ـ 1905) جمعها خلال جولاته في بعض مناطق غرب إفريقيا وإفريقيا الوسطى بداية من منتصف القرن 19، حيث عكف على جمع عناصر التراث الإفريقي ودراسته لأغراض استعمارية».
وأضاف المتحدث أنّه «تم تحويل هذه المجموعة في 1990 نحو متحف الباردو»، موضحا أنه «تم تدعيم المجموعة في عدة مناسبات ببعض القطع التي تعكس البعد الإفريقي، سواء كهبات أو تم اقتناؤها، حيث استلم المتحف مؤخرا طبلا أرضيا ضخما كهبة من سفارة جنوب إفريقيا».
من جهة أخرى، أكّد المتحدّث أنه يتم «دوريا صيانة المجموعة الإفريقية من طرف خبراء المتحف المختصين في الترميم، وذلك على مستوى المخبر بهدف حمايتها من التلف، وذلك على غرار كل المجموعات في إطار عمليات الحفظ الوقائي للتراث الثقافي».
واستطرد بيطار بخصوص جرد المجموعة الإفريقية، أن «عملية الجرد الأولي للمجموعة الإفريقية ككل تم الانتهاء منها أما الجرد العلمي فلم ينجز بعد».
وأفاد بيطار، وهو باحث مختص في مجال الإثنوغرافيا والأنثروبولوجيا، أنّ اهتمامه «انصب على دراسة وجرد علمي لجزء فقط من هذه المجموعة النادرة التي تتمثل أساسا في رصيد الآلات الموسيقية الافريقية التقليدية وتضم حوالي 30 آلة، وهذا بهدف الحفاظ وحماية هذا الموروث الثقافي العريق»، مشيرا إلى أنه «انتهى منذ فترة من إعداد مؤلف، ينتظر نشره قريبا حول البعد الأنثروبولوجي والسوسيولوجي وأيضا الإثنوغرافي للمجموعة التي يشرف عليها».
وأضاف الباحث أنه أشرف سنة 2018 على تنظيم معرض خاص بمتحف الباردو حول هذه الآلات الموسيقية التقليدية الإفريقية، مع التعريف بها والمواد التي صنعت منها وطرائق العزف عليها أمام الجمهور، بالإضافة إلى إبراز أبعادها الاجتماعية والدينية باعتبارها ممارسات متجذرة في المجتمع الإفريقي منذ القديم، حيث «تحضر الموسيقى في جميع مناسبات الصيد البري والبحري والحقول والزواج والميلاد وغيرها من الطقوس».
ويحتوي رصيد متحف الباردو، إلى جانب المجموعة الاثنوغرافية الإفريقية، على مجموعات نادرة من الممتلكات الثقافية، من بينها قطع أثرية لمراحل ما قبل التاريخ والحلي الفضية ومجموعة الأثاث الجنائزي لملكة الطوارق تين هينان.