تزخر واحة تيوت (82 كلم جنوب النعامة) بالعديد من المواقع الأثرية الضاربة في التاريخ، ومنها “قصرها العتيق” الذي يعد صرحا عمرانيا ومعلما تاريخيا كفيلا بإنعاش حركية الجذب السياحي.
تتوفر المنطقة على رصيد هام من التراث المادي الذي يشكل أهمية تاريخية كبيرة يجعلها مدينة سياحية بامتياز. ومن هذه المؤهلات قصر تيوت القديم ومسجده العتيق، وقد بنيا مطلع القرن الرابع عشر الميلادي (حوالي 1305ميلادي ) - حسب التقديرات التاريخية - بنمط بناء تقليدي وهندسة صحراوية، تلائم خصوصيات ومناخ المنطقة، وقرابة 40 بيتا عائليا أغلبها متاحف عرض صغيرة للأدوات التقليدية، وأخرى كورشات صغيرة لصناعة التحف اليدوية لعدة منتوجات كالنسيج وسعف النخيل والصوف وغيرها.
نمط معماري يتحدّى الزّمن
لعل ما يميز بلدة تيوت تنوع معالمها الأثرية التاريخية والطبيعية، ما يجعلها أحد الروافد الحقيقية للنهوض بالقطاع السياحي بالولاية، إذا لقيت العناية اللازمة، حيث تجمع هذه المنطقة بين نمط معماري ممثل في قصرها القديم الذي بني من الطين والحجارة ولا يزال يتحدى الزمن، والنقوش الصخرية الممتدة إلى العهود القديمة والمناظر الطبيعية التي يقصدها الزوار والعائلات من كافة المناطق.
وتعد النقوش الصخرية من أهم المواقع السياحية التي تستقطب السياح بتيوت، وأهمها “الحجرة المكتوبة” التي تروي قصص وحكايات السكان القدامى الذين استوطنوا بالمنطقة منذ أمد بعيد (800 سنة قبل الميلاد حسب تقديرات المؤرخين )، وغيرها من المواقع التي تحتاج إلى مزيدا من التمحيص العلمي وبرمجة جولات سياحية للاستكشاف وغرس الحس والوعي بحماية التراث السياحي العناية به لدى أطفال المدارس، استنادا للعديد من الدارسين والباحثين.
القصر القديم..جمالية في التّصميم
المواقع الأخرى بتيوت الحاجز المائي الذي يتغذى من ينابيع “عين عيسى”، وكذا بئر جوفي يسمى “عين لحلاف” الذي يتميز بخصائصه العلاجية للأمراض الجلدية، والذي تراجع منسوبه بشكل محسوس، ويصف المهتمين بتراث ولاية النعامة الزاخر القصر القديم “إنه يتميز بجمال التصميم وقوة أبوابه التي تغلق بالمزاليج، وتصنع من خشب الرمان أو من جذوع النخل، وتتكون بيوته من طابقين العلوي مخصص للعائلة والضيوف والسفلي لتخزين المؤونة والمواشي.
ويتوسّط قصر تيوت مسجد عتيق وقاعة تدريس للقرآن الكريم تدعى بالأمازيغية “تخربيشت”، وتؤدي إليه كل الدروب، وغير بعيد عنه توجد ساحة عمومية تدعى “تاسفلت” أعدت للراحة وعقد الاجتماعات، وبالرغم من أن بناءات القصر اندثرت منه أجزاء عديدة من الأسوار والأزقة وأبراج المراقبة الدائرية الشكل، وأفران إعداد مادة الجبس التقليدية، إلا أنه يبقى ملجأ الزوار والسياح، وقد أشار أحد سكان قصر تيوت مهتم بالسياحة والتراث والثقافة الشعبية إلى ضرورة عناية البلدية والجمعيات والمرشدين السياحيين ومديرية السياحة والصناعة التقليدية والخواص بتفعيل دور السياحة كمورد جبائي ومحفز لتقليص البطالة بالبلدية، التي تبحث عن استقطاب مستثمرين لإنشاء مشاريع سياحية وورشات لتكوين الحرفيين من أجل إنعاش هذا المورد الاقتصادي الهام.
مؤهّلات تيوت على مواقع التّواصل
من جانب آخر، يؤكّد المهتمّون بتراث منطقة “تيوت” بأن إعادة بعث وترقية السياحة التراثية بهذه الجهة من الولاية، يمر عبر إعداد تطبيقات إلكترونية على شبكة الإنترنيت، وتحرك الوكالات السياحية المحلية في هذا الاتجاه، إضافة إلى أن توفر الممونين كفيل بإنشاء مواقع إلكترونية وخدمات للاتصال والترويج السياحي تسهل تعرف السياح على الوجهات والمسارات السياحية بالمنطقة ودعوتهم لاستكشافها.
ويحث الناشطون الجمعويون بولاية النعامة على أهمية تزويد البلدية بهياكل فندقية، تستجيب لمتطلبات الوافدين إليها، إذ هي تقتصر حاليا على بيت للشباب ومنطقة للتخييم لا تتجاوز قدرات استيعابهما إجمالا 30 سريرا، مع الالتفاتة العاجلة لتحديد واضح لمعالم المناطق الأثرية، وإنشاء مراكز للحراسة والمراقبة بالقرب منها للحد من الاعتداءات والتشويه الذي تتعرض له بعض المناطق العمرانية القديمة.
تيوت في حاجة إلى مرافق استقبال
يجري العمل على ترقية الاستثمارات الموجهة للقطاع السياحي بتيوت باعتماد عدد من المشاريع للدفع بالنشاط السياحي عبر هذه البلدية، وتؤكّد الجمعيات والمتعاملون السياحيون على القيمة التاريخية والسياحية للبلدة القديمة لتيوت، ويناشدون كافة الأطراف من أجل دعم إنشاء الوكالات السياحية بالمنطقة، وتكوين الشباب في مهن تتعلق بالقطاع من أجل دعم المقصد السياحي بهذه الجهة من ولاية النعامة.