الهندسة المعمارية التقليدية بتيزي وزو

القرى القديمة.. شواهد على فنون العمران..

تعتبر الهندسة المعمارية التقليدية التي لا تزال محفوظة في القرى القديمة بولاية تيزي وزو، رغم مرور الزمن وزحف السكنات العصرية المبنية بالخرسانة، شاهد على مهارة وخبرة محلية تعود إلى آلاف السنين تقتضي الحماية من الاندثار، حسب ما أكّد خبراء في المجال.
القرى القديمة بمنطقة القبائل، ثمرة خبرة معمارية متوارثة عبر الأجيال، اعتمدها الجزائريون بالمنطقة لتشييد مداشر، وهي توجد في مناطق أخرى من شمال البلاد، في القرى والمدن العريقة على غرار قصبة الجزائر العاصمة، كما جاء في تصريحات مهندسين معماريين لـ(وأج).
وذكر الخبير المستقل ومدير الأبحاث سابقا بالمركز الوطني للدراسات والبحث في البناء المتكامل، أحمد برارة، كمثال على ذلك، الممرات المغطاة في قرية آث لحسن في بلدية آث يني (تيزي وزو)، وهي ميزة معمارية موجودة في قصبة الجزائر العاصمة التي بناها بولوغين بن زيري.
وينطبق الشيء نفسه على المساجد الصغيرة الموجودة في منطقة القبائل وببرج بوعريريج في قرية القصور القديمة، التي تحتوي على نفس العناصر المعمارية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين.
وقال المعماري برارة إنّ هذه الطريقة في البناء “منتج محلي بحت وليست مستوردة”، كما أنّها ثمرة “تراكم معارف وخبرات وصلت إلينا حتى يومنا هذا”.
وتتميّز أساليب البناء القديمة باستخدام الموارد المحدودة والمواد المحلية الصديقة للبيئة (الحجر والتراب والخشب) لبناء هياكل تندمج مع المحيط البيئي، كما أشار المهندسون المعماريون ربيعة ضيف وسلمى خازم وسارة رزوق.
وفي إشارة إلى التغييرات التي تحدث في عدد من قرى ولاية تيزي وزو، حيث يتم التخلي عن المنازل التقليدية أو هدمها لتحلّ محلّها بنايات عصرية، لاحظت المهندسة المعمارية زوليخة آيت الحاج، من جامعة تيزي وزو، أنّ “البنايات التقليدية هي منتج محلي شعبي بحت، في حين أنّ الغالبية العظمى من المنازل المعاصرة ليست كذلك، بسبب تدخّل الفنيين”.
من جانبها، أشارت سعدية بادن، التي قامت ببحث حول التغيّرات التي طرأت على المساكن القروية وتأثيرها على التراث العامي، إلى أنّ العصرنة السريعة للقرى القديمة تؤدّي إلى تحوّل في تراثها، وهذا يهدّد بفقدان المعرفة المتوارثة في مجال الهندسة المعمارية والتاريخ.
للحفاظ على القرى التقليدية وتوريث المعرفة المعمارية القديمة للأجيال القادمة، أوصى المهندسون المعماريون بتطوير السياحة والأنشطة الحرفية المحلية.. ودعت بادن إلى إعادة تأهيل المساكن القديمة وتشجيع الأنشطة الحرفية والسياحة الريفية، مع تخصيص ميزانيات لتنشيط القرى.
وهو الرأي الذي يشاطرها فيه كلّ من ضيف وخازم ورزوق اللاتي عملن على موضوع “الحفاظ على التراث المعماري لمنطقة القبائل”، كما دعين إلى وضع مخطّط سياحي وتطوير الحرف اليدوية، وأكّدن أيضا على ضرورة الحفاظ على البيت القبائلي العريق للاستفادة من مفاهيم ودراية هذه الهندسة المعمارية التي تبرز مبادئ المقاربة البيئية والمستدامة.
وبدأ القرويون في بعض بلديات ولاية تيزي وزو بترميم وتجديد المنازل التقليدية لتحويلها إلى بيوت ضيافة للسيّاح الباحثين عن تغيير الجو والابتعاد عن صخب المدينة.
ومع ذلك، فإنّ أعمال الترميم هذه لا تتم في كثير من الأحيان وفقا للمعايير، ويتم إدراج عناصر حديثة عليها، كما تأسّف المهندسون المعماريون الذين أكّدوا على أهمية إجراء جرد للقرى القديمة وتسجيل أكبر عدد ممكن من السمات المعمارية القديمة وطريقة استخدام المساحات حتى لا تندثر هذه المعرفة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024