أوضح الرّوائي العالمي واسيني الأعرج، أنّ إشكالية الصّراحة لا تزال قائمة وطابوها في العملية الابداعية، وفي حياة الكاتب مهما كانت مكانته خاصة في المجتمعات العربية، حيث تختنق القيود المتشعّبة دينيا، قبليا، مجتمعيا وغيرها، لذلك فإن الكثير من المسائل أو مراحل الحياة التي لا يقدر الكاتب على قولها أو الجهر بها، في المقابل له كل الشجاعة في تدوينها عبر صفحات أي إصدار يقوم به، سواء كان رواية أو قصة قصيرة أو قصيدة.
أكّد أستاذ الأدب بجامعة السوربون بفرنسا الدكتور واسيني الأعرج، أنّ إصداراته المختلفة أشجع من الكاتب نفسه «كتبنا أشجع منّا»، أي بمعنى أننا نكتب في كتبنا ما لا نستطيع قوله في الواقع؟ فكثير من الكلمات التي يستخدمها في الكتابة لا يستخدمها في حياته اليومية، ولا يمكن الفرار من هذا النظام لأنه واقع بالنسبة إليه حتى لغويا، بمعنى ـ يقول ـ أن اللغوي هو الآخر «مقموع في أذهاننا، ومع الزمن تكبر ويكبر معك هذا اللاّوعي، وعند الكتابة يختفي الوعي، ويصبح اللاوعي هو الأساس ولا نستطيع قمعه، وإن حدث وتمّ قمع اللاوعي فهو قمع للإبداع بصفة عامة.
أشار الرّوائي والباحث واسيني الاعرج في تصريح لمجلة «موقع 14»، أنّ قمع الكاتب للاوعي هو قمع للإبداع، وحسبه أنّ الأمراض الشخصية والانشغالات تظهر في الكتابة وفي اللاّوعي، ويصبحان قوة ضاغطة، في المكون الأساسي للكتاب، وحسبه أن «الوعي هو الخبث المتكيف مع المجتمع، نتصرف حسب ما يفرضه علينا، وإلاّ سنرفض من المجتمع، ويبقى الجانب القوي أو المظلم في الإنسان أيضاً يظهر في أعماله، لأنه ينبع من الداخل، ولم يعد يوجد شيء يمكن أن يقمعه».
وقال صاحب رواية «ليليات رمادة»، إنّ مسألة الزمن بالنسبة إليه كروائي هي سيولة، فليس هناك ماضي ولا حاضر ولا مستقبل «نحن نأتي إلى الزمن وندخل بعفوية ذلك الزمن الذي يفرضه علينا»، مشبها الزمن بكرة ثلج يرميها من فوق إلى الأسفل، حتى تنزل قليلا وقد تكون المسافة التي تقطعها ربما طويلة، ولكن عند قياس قوتها علينا، أكّد على قياس نوعية الحمولة التي تلتصق بها، من قش، حجارة، نباتات ميتة، معدن، حديد وذهب.
كما يرى واسيني أنّ للزمن فعالية بنا، ليس تقسيماً فهناك ليل ونهار ولكن هي عملية أخرى، وعندما «ينام الكاتب الانسان يظن أن زمن النهار انتهى، وبدأ زمن الليل، إلا أنه في الحقيقة الزمن مستمر بشكل، ويعود دماغ الانسان إلى حالته اليومية، فالزمن يستمر بنا ولا يتوقف أبدا».