ارتأى أمس المجلس الأعلى للغة العربية أن يخصص مناسبة إحياء بالذكرى المزدوجة لعيد الاستقلال والشباب في احتضان لقاء إعلامي للإعلان عن إصدار المعجم الطوبونيمي الرقمي الجزائري في جزئه الأول ، بحضور الأمين العام للمجلس الشوري لاتحاد المغرب العربي سعيد مقدم، وممثل عن المعهد الوطني للخرائط والكشف عن بعد الى جانب ممثلة عن شركة موبيليس، وممثلين عن اللجنة العلمية التي أشرفت على إنجاز أول مولود يعنى بترسيم التسمية الرسمية لكل منطقة من مناطق الوطن الجزائري.
تزامنا مع إحياء ذكرى الاستقلال والشباب المجيدة، وتخليدا لاسترجاع السيادة الوطنية، وتبليغا للذاكرة الوطنية، استلم أمس، المجلس الأعلى للغة العربية المنجز العلمي والعمل الاكاديمي المميز المتمثل في المعجم الطوبونيمي الرقمي الجزائري في جزئه الاول، الذي يدخل في إطار مشاريعه الكبرى ومن أجل نيل اللغة العربية مكانتها وقيمتها، استعرض معالمه ومحتواه رئيس مجلس الأعلى للغة العربية البروفيسور صالح بلعيد، الى جانب كلمات مقتضبة لممثلي اللجنة العلمية التي باشرت انهاء تصميمه ودراسته، بمعية ممثلين عن المعهد الوطني للخرائط والكشف عن بعد.
في ذات الصدد، صرّح البروفيسور صالح بلعيد، ان هذا العمل المحتفى به لم يأت إلا بتجنيد فرق بحث وطنية، نزلت الميدان في تحرّي الدّقة العلمية تحفيفيا وتثبيتا في الإمكانية الانوماستيكية، التي تحمل دلالات مرتبطة في الغالب بالتفاعلات التي تحدث بين الإنسان ومحاوله المحيطين،وباستيقاء التسميات الصحيحة التي ترتبط بالواقع اللغوي وما يحيط به من تسميات، وفي ذات الوقت ترتبط بنمطيات ثقافة المجتمع الجزائري، إضافة الى ما تقدمه من معلومات مهمة للباحثين في التاريخ والانثربولوجيا، توفيرا التضارب في الهوية.
وفي ذات السياق ذكر المتحدث، بأن المناسبة الإعلامية التي وقف عليها ثلة من الباحثين والمهتمين، هي دعوة لتغطية المنجز في مجال الطوبونيميا في مجلده الأول، وترى المجلدات الثلاثة لاحقا، وقال في هذا الصدد: نزعم أنه أوّل عمل باللغة العربية،يكون له هذه الحيثيات العلمية، ونابها علاقة بالخرائط والأبعاد الجغرافية، ويدخل في باب تعميم استعمال العربية في كل مناحي الحياة اليومية، وإعادة تصحيح التسميات، والتي نالتها بعض التغيرات من خلال التضاريس وبعض التغيرات من خلال تدمير المستخرب لهويتنا الثقافية، والمسخ والمسح الذي طال الكثير من مناحي وجودنا، وأضاف أيضا: لقد آن الأوان أن يقع الاهتمام بأسماء الأماكن في البعد الجغرافي لمرجعيتها، هو اهتمام بأسماء أماكن ناطقة تفصح عن شكلها الطوبوغرافي، وغطائها النباتي، ونشاطها الفلاحي، ومجراها المائي، ومظهرها الجغرافي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن يحصل الضبط في التاريخ، التسميات إلى جانب معطيات أخرى تكشف عن جانب مهم من تاريخ المكان، وترسم سبل الوصول إلى التعرف على الحلقات المفقودة من تاريخها، ما يبرز جانبا بالغ الأهمية الطوبونيميا ليس في علاقتها بالمكان فحسب، بل في علاقتها بالإنسان الذي يعيش في المكان
كما نوّه البروفيسور صالح بلعيد إلى ضرورة تبليغ أهمية محتوى هذا العمل الطوبونيمي الوكني، وما يقدمه للذاكرة الوطنية لتبقى حية بنصوصها ووثائقها ومعالمها اللاماكنية، وانه يضيف المتحدث، لمخزون نوعي، ومهما علا رصيده لن يكون حاضرا بكل استقالته إلا إذا استند على التاريخ لتجلية معانيه، مما يجعل البعد التاريخي حاضرا أثناء ضبط الأعلام الجغرافية.
ومن جهته، ثمّن الأمين العام للمجلس الشوري لاتحاد المغرب العربي سعيد مقدم هذا الإصدار، الذي اعتبره مرصد رسمي لتوثيق الأماكن والرقع الجغرافية بأسمائها السليمة الصحيحة التي من شأنها أن تعمل على تصويب ما كان فيه لبس أو تحريف لكل منطقة من أرض الجزائر، التي هي اليوم تحتفي بعيد استقلالها 59 باستعادة جمجمتين أخريين لشخصيتين ثورتين لتنضم إلى الجماجم المسترجعة التي تحمل أسمى معاني التضحية والفخر التي سيبقى الشعب الجزائري لها وفيا على مرّ الزمن..
للإشارة، تم على هامش اللقاء الإعلامي معرض للخرائط للمعهد الوطني للخرائط والكشف عن بعد، حيث قدّم فيها ممثل المعهد عبدادو محمد، طريقة عمل المشرفين على اختيار الصور المرفقة بالمعجم الطوبونيمي الرقمي الجزائري في جزئه الأول، التي تمت بواسطة طائرات مخصصة لالتقاط صور شديدة الدقة والمعالم، الى جانب استعراض المنتوج الفكري للمجلس الأعلى للغة العربية المتمثل في إصداراته العلمية والفكرية التي يمكن للقارئ أن يتصفحها عبر شيفرة رقمية، أو عن طريق صفحة الفيسبوك الرسمية للمجلس.