صدر مولود جديد للكاتب عبد الكريم عرباوي، حديثا عن دار آدم مرام للنشر والتوزيع والترجمة بالعاصمة، يحمل عنوان «شرطة جديدة للجزائر الجديدة».
حاول المؤلف من خلاله تقديم تصور لبعض النماذج التطبيقية البسيطة، والتي جسّدت في بعض أحياء العاصمة، وربما تكون محل دراسة وإثراء من قبل الباحثين، ومنطلق الشرطة الجديدة للجزائر الجديدة.
استهلّ الكاتب مقدّمته بالعودة إلى يوم الجمعة 22 فيفري 2019، والحشود الكثيفة التي كان يشاهدها وهي تتقدّم صوب طوق قوات مكافحة الشغب بالرويسو بالعاصمة، لكنها لم تقم بأيّة رد فعل بل بادلت رجال الأمن التحية فبادلوها الابتسامة...أجل إنّها ثورة الابتسامة التي صنعتها شرطة الشعب الجزائري الأبي، الذي أدهش العالم بسلميته، وأصبحت الشرطة محل إشادة عالمية من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بتكريسها لآلية عمل وفق ما يسمى «أنسنة الشرطة الجزائرية».
الكتاب يضم 98 صفحة من الحجم المتوسط وغلاف من تصميم ب - الزهراء، يطغى عليه اللون الأزرق، الذي يمثل الزي الرسمي لأفراد الشرطة الجزائرية، يحتوي ستة أجزاء، يتحدث الأول على ضرورة التخطيط لصناعة المستقبل بهدف بناء الدولة وتطورها. وفي الجزء الثاني تطرّق المؤلف إلى مقياس رضا الجزائريين عمّا تقدّمه الشرطة من خدمة يومية على مدار ٢٤ ساعة من خلال التواصل مع المواطن، وفي هذا الجزء استعان الكاتب بصور توضّح ما يحتاجه المواطن ويحلم به، على سبيل المثال عدم رؤية مدمنين قرب مدخل عمارته، أن ينام مرتاح البال ومطمئنا على سيارته، الذهاب إلى الملعب رفقة عائلته...وهي كلها مطالب بسيطة وعدم تحقيقها يؤدي إلى زعزعة أمنه.
أما الجزء الثالث فيتناول كيفية تحسين الخدمة باستمرار الشراكة مع كل القطاعات المعنية، وهنا يلقي الكاتب الضوء على ماهية الإجرام في المدينة، والدوافع لارتكاب الجريمة، ومن يعبث بأمن الساكنة، فكلّما زادت الكثافة السكانية زادت نسبة الجريمة.
وفي الجزء الرابع استعرض تطوير الحس الأمني عند الناس، والوقاية من الآفات الاجتماعية من أجل بلوغ الوظيفة الحديثة للشرطة كوظيفة اجتماعية، بعدها ينتقل الكاتب إلى الجزء الخامس وهو تحقيق الأهداف المشتركة الرامية إلى تحقيق الأمن والأمان وحماية الأشخاص والممتلكات، وإنشاء فرق الاستجابة السريعة G2R، وأهم الرياضات المعتمدة في صفوف الشرطة الجزائرية بعرض صور عن تدريبات الأفراد بمدارس الشرطة.
بينما تطرّق المؤلف في جزئه السادس والأخير إلى الاندماج في مخططات وبرامج العصرنة وكيفية التواصل بين المواطن/الشرطة بالاعتماد على الوسائط التكنولوجية، حيث بادرت الشرطة في وقت سابق إلى استحداث تطبيقة «ألو شرطة» وفق ترسانة من الشروط جعلت المواطن لا يقبل عليها، لذا أضحى من الضروري اليوم إعادة النظر في إنشاء تطبيقة جديدة تنمّي العلاقة الجوارية.
هنا قدّم الكاتب عرباوي بشكل مفصّل هذه التطبيقة وأهميتها، مقترحا آلية للقضاء على ظاهرة سرقة المركبات التي أصبحت هاجسا يؤرق المواطن والمصالح الأمنية على حد سواء، كما أنّ طرق التأمين الاستباقية لم تفض إلى نتيجة، ولم تمكّن من استرجاع كل السيارات المسروقة.
ولهذا يقترح صاحب الكتاب حلاّ بديلا يندرج في إطار العلاقة الجديدة للمواطن بشرطته، ونتمكّن لا محالة من خفض نسبة سرقة المركبات تصل إلى ٩٠ ٪، وهي ضرورة تمكين المواطن من الرقابة الأمنية للسيارة قبل شرائها وعملية الاكتتاب، بالإضافة إلى إنشاء بنك معلومات خاص بحركة نقل المركبات وهويات مالكيها، وهي تصورات وفّق فيها الكاتب لأنها تمس بالدرجة الأولى أمن المواطن.
الكاتب لم يعتمد على مراجع أو مصادر أو أرشيف، أسلوبه بسيط غير معقّد موجّه إلى مختلف فئات المجتمع، القارئ لا يمل من القراءة ويبقى شغوفا لما ستقدّمه الأجزاء الأخرى.
في الخاتمة وجّه الكاتب شكره إلى أخيه المواطن، يحيّيه فيها على المسيرات الشعبية التي لقّن من خلالها الشعوب درسا في التحضر، ورسالته أن يحافظ على وطنه ويكون عينا ساهرة لا يغفل على أمنه، وتكون نفسه مطمئنة على ماله وعرضه، لنعيش سويا في جزائرنا الحبيبة في أمن وأمان.
للإشارة، يعتبر كتاب «شرطة جديدة للجزائر الجديدة» أول إصدار لمؤلفه عرباوي عبد الكريم، والذي سيشارك به في معرض الجزائر الدولي للكتاب القادم.