كتبت من داخل قسم «كوفيد 19»

رواية «قبر ومدينة» للكاتب رحو شرقي

معسكر: أم الخير ــ س

 نجا بحمد الله الكاتب والشاعر رحو شرڤي من قبضة فيروس «كوفيد 19»، الذي ألزمه البقاء في المستشفى مدة أسبوع، خضع فيها إلى العلاج ببروتوكول الكلوروكين، فقاوم المرض من خلال الكتابة الأدبية، فترجم معاناته وتجربته في رواية عنونها «قبر ومدينة» سيصدرها قريبا.
تحدّث إطار الحماية المدنية الشغوف بالكتابة لـ «الشعب»، عن تجربته مع الوباء، بعد إصابته به وهو يزاول عمله، قائلا: «كانت ستة أيام كأنها ست سنوات، عايشنا المأساة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، ليس سهلا أن تتحدث مع مرافقك في الغرفة التي تجمعكما، وساعة بعدها تجده يفارق الحياة أمام عينيك..».
وأشار شرفي قائلا إن «الكتابة ساعدتني كثيرا على تجاوز وضعي الصحي، كانت الأفكار تتدافع في مخيّلتي وتتسابق، كنت أفضّل الحصول على قلم لتدوينها لكن حاجتي للوصول إلى قناع الأوكسيجين كانت أكبر».
رغم ذلك وجد رجل الإطفاء علاجه في الكتابة، «فأروقة مستشفى يسعد خالد موحشة - على حد قوله - لكن ليست بتلك الدرجة من السوء، تنبعث منها رائحة الخوف والدواء، مشبّها إياها «بساحة المعركة، التي التقت فيها آلاف الدروب والقصص».
«كان البعض يفقد حياته بعد فقدانه لآخر أمل وآخر نفس، والبعض الآخر يقاوم من أجل نفسه ومن أجل الحياة»، يقول رحو شرڤي، قبل أن يضيف: «أنا اخترت المقاومة، أشهرت الكتابة سلاحا في وجه الفيروس المشؤوم، اختليت بحبيبتي «الكتابة» لأول مرة في العمر وحدنا في رواق مستشفى يسعد خالد، الكتابة ساعدتني كثيرا في تخطي وضعي الصحي».
خلال فترة العلاج، نجج دحو شرڤي في كتابة رواية جديدة أسماها «قبر ومدينة»، ضمن فصولها صراعه مع الوباء، معتبرا ذلك تجربة أدبية فريدة من نوعها أضافها إلى انتاج أدبي آخر موجود تحت التنقيح، يسمى «أكاليل من بساتين جبران».

مقطع من رواية «قبر ومدينة»

لا يتّسع هذا القبر إلا لمكانين، سرير أعمى، ونافذة صماء.
فطلّتي عبر النافذة ترى كل الأشياء ساكنة ووادعة أمام عينيك...كأن المدينة تُحِيك شيئا أعظم من الأول.
تختبئ هذه المدينة وراء أسراب الحمام والعصافير، التي تملأ الفؤاد جمالا وتدحض السواد.
فنظرتك الرّشيقة! تسرق لك صورة ساحرة، غفِلتٓ عنها منذ زمن بعيد، تفتح صدرك لنسيم الصباح الذي أصطحب بين ثناياه ذلك الجمال الخفي.
مازالت عيناي تبحث عن أسرار بديعة، فتذهب القلق وتنفر الملل.
لكن لا يرى أحد كيف احترق القلب وانفطر...فهل هذا قدري المقدور؟
أم أنه مخبوء داخل هذه الأسباب؟
إنّني فررت من قضاء الله وقدره، إلى قضاء الله وقدره.
أراني أتخطّى آخر ما بدأت.....
في المدينة كل واحد منّا يرى نفسه خيرا من الآخر، فيأخذه الغرور وعزة آثمة، فتمضغه أسوارها ومبانيها الشامخة وتبعثه إلى هذا القبر، ليعيد بداية جديدة ومعها انكسار ذلك الغرور، فيصبح صوته خفيضا، وحركته محسوبة، ولا يتكلم إلى ما يرضي النفس، ويطيب الخاطر، فيحمل الأمور محمل الجد بعد الهزل...كما يتخلى الطين عن صلابته وأكفه عامرُ بالماء. ما عسى أن أقول وأهتدي إلى هذا الهدي..إلا رؤيتي لهذا الجمال الذي حمله النور بين جنباتي، يملأ القلب...فيخبّئ سرا من أسرار الربيع. فإذا قُطف الزهر، وراءه برعم ينتظر، وإذا نزعوا البرعم من أفنانه، مازالت جذوره تقاوم، فإذا نزعت الجذور وأحرقت، فقد خبأ الزهر بذوره...سيأتي الربيع صحبة جماله، ولن يوقفه أحد كقطعة الشمس التي تشرق كل يوم لترخي ظفائرها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024