العمل في مجال حقوق الإنسان إضافة إيجابية لمسرتي المهنية
من تيبازة ينتقل بنا ركن «رمضانيات مثقف « إلى المدينة السويسرية جنيف للالتقاء بالإعلامية لمياء فضلة ابنة عنابة المقيمة هناك و التي تكشف لنا من خلال هذا الحوار تمسكها بالعادات الجزائرية خلال الشهر الفضيل ، و كذا ظروف إقامتها وتأقلمها في المهجر و عن مشاريعها المستقبلية.
- الشعب : من هي لمياء فضلة، نشأتها مسيرتها الإعلامية هواياتها؟
لمياء فضلة : انحدر من عائلة بسيطة بمدينة عنابة، تلك البساطة كانت وسيلة كفاحي وسلما أصل به إلى ما اطمح. درست بمعهد اللغات الأجنبية بجامعة باجي مختار، وتحصلت على شهادة ليسانس في اللغة والأدب الايطالي، وكانت هوايتي المفضلة التصوير الفوتوغرافي ولعل هواتي هي التي دفعت بي إلى عالم الصحافة، حيث علمت صدفة أن جريدة آخر ساعة الجهوية أصدرت أول عدد لها في مطلع أكتوبر سنة 2000، فطرقت باب الجريدة مع صديقة لي للقاء رئيس تحريرها الصحفي القدير محمد بن زعيم وقدمت للجريدة مجموعة من الصور التي كانت بحوزتي كهدية لتستفيد منها الجريدة، ثم جاءت فكرة خوض مغامرة الكتابة في هذه الجريدة الفتية التي أسسها مجموعة من خيرة الصحفيين الجزائريين وعلى رأسهم معمر فارح، سعيد بلحجوجة ولزهاري لبتر… وقد اقترح علي مدير التحرير أنذاك معمر فارح الالتحاق بالقسم الثقافي وبعد شهور عينت رئيسة القسم الثقافي ومن هنا كانت بداية مشواري الصحفي، ثم قادني طموحي للجزائر العاصمة سنة 2003 أين عملت في القسم الثقافي لجريدة الأخبار التي توقفت عن الصدور ثم انتقلت إلى القسم السياسي والوطني لجريدة اليوم وأنهيت مسيرتي في جريدة الخبر التي اشتغلت بها قرابة أربع سنوات قبل أن أستقيل نهاية 2010 ، وبالإضافة إلى عملي في الميدان الصحفي كنت أساهم بتنشيط المشهد الثقافي لولاية عنابة لمدة ثلاث سنوات من خلال تنظيم وتنشيط تظاهرات وحفلات في مناسبات وطنية وأيام دولية بالمسرح الجهوي عز الدين مجوبي ودار الثقافة محمد بوضياف، وكنت أشرفت على تنظيم مسابقة ملكة جمال عنابة لمدة ثلاثة سنوات وكانت تجربة رائعة ومميزة.
@ كيف جاءت فكرة الرحيل إلى أوروبا و تغيير المسار المهني؟
@@ طيلة حياتي لم اسع إلى الهجرة رغم الفرص العديدة التي أتيحت لي، كنت أحب مهنتي واطمح إلى تطوير مهاراتي وقدراتي داخل الوطن وكنت سعيدة بوضعي في الجزائر رغم إنني عشت سبع سنوات بالعاصمة بعيدة عن عائلتي. في سنة 2008 تعرفت على زوجي وقررنا تأسيس أسرة، ولأنه يقيم بجنيف السويسرية استقريت بهذه المدينة المنفتحة على ثقافات مختلفة من العالم، وقد ساهم هذا التنوع الثقافي في منحي فرص جديدة على الصعيد المهني وكانت البداية بالدراسة حيث تحصلت على شهادة إدارة المشاريع، وبعدها قررت خوض تجربة العمل في مجال حقوق الإنسان بعد أن منحني الأستاذ ناجي حرج فرصة تعاون بمركز جنيف الدولي للعدالة وهي منظمة دولية غير حكومية عملت بها كباحثة في مجال حقوق الإنسان ومترجمة أيضا ومن اهتماماتي حقوق المرأة والطفل، وحقوق اللاجئين، ومختلف القضايا المتعلقة بالنزاعات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وشاركت في عشرات الأنشطة والفعاليات داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف واليوم أنا اشغل منصب رئيسة مجلس جنيف للحقوق والحريات وهي منظمة غير حكومية أشرفت على تأسيسها رفقة مجموعة من الزملاء.
- هل غير العمل في مجال حقوق الإنسان نظرتك إلى الحياة عامة و إلى الإنسان خاصة؟
بالطبع يعتبر العمل في مجال حقوق الإنسان بمثابة إضافة نوعية لمسيرتي المهنية فقد اكتسبت مهارات جديدة ونوعية وأصبحت على اطلاع واسع بالقانون الدولي واليات حقوق الإنسان وعمل الأمم المتحدة و وأشارك بفاعلية في نشاطات مجلس حقوق الإنسان من خلال عقد وتنشيط ندوات حقوقية وإلقاء بيانات شفوية نطلع من خلالها هيئة المجلس على ما نرصده من انتهاكات لحقوق الإنسان بالإضافة إلى اقتراح توصيات لمعالجة هذه الانتهاكات، العمل الحقوقي يغير نظرتك للحياة فبمجرد الاطلاع على الانتهاكات الحاصلة يوميا نتأكد أن مكاسب حقوق الإنسان مهددة وإننا بعيدين كل البعد عن تحقيق المساواة والديمقراطية والعدالة والحريات والحفاظ على كرامة الفرد وغيرها من الأساسيات المنصوص عليها في لائحة الحقوق الدولية، ورغم أنني ايجابية بطبعي إلا أن كل ما يحدث يجعلني كإنسانة وكأم اخشي على مستقبل أبنائي من عالم تتزايد فيه انتهاكات حقوق الإنسان وتتوسع فيه رقعة النزاعات المسلحة والحروب.
- كيف هي الأوضاع في جنيف في ظل تفشي فيروس كورونا؟
سويسرا هي من بين الدول الأكثر تضررا من الوباء في أوروبا، حيث سجل بها
أكثر من 29000 إصابة وأكثر من 1423 حالة وفاة. وضعنا لا يختلف كثيرا عن أوضاع باقي الدول الأوروبية، فمند بداية انتشار فيروس الكوفيد ١٩ قررت الحكومة الفدرالية منتصف مارس فرض حظر على مستوى كل الكانتونات بما فيها جنيف وتم غلق المدارس والمطاعم والمحلات وفي الوقت الذي تضرر فيه الاقتصاد بسبب هذه القرارت إلا انه من الواضح أن السلطات متحكمة في الوضع، وقد تقرر العودة تدريجيا للحياة العادية ابتداء من 11 ماي حيت استأنفت المدارس والنشاط التجاري .
- أنت متتبعة باستمرار لأحوال الوطن و الأهل، ما هي نظرتك للإعلام الجزائري اليوم ؟
لطالما كان الإعلام أسرتي الثانية عندما كنت صحفية بالجزائر ولا زالت روحي معلقة به أتابع باهتمام كل المستجدات في الجزائر وأنا على تواصل مع المئات من زملاء وزميلات المهنة.
اعتقد أن الحراك منح فسحة جديدة من الحرية للإعلام في الجزائر ، ولا أحد ينكر الدور الريادي الذي لعبه الإعلام في إيصال أصوات المحتجين والمحافظة على سلمية الحراك ، لقد حقق الإعلام في الجزائر مكاسب لا بأس بها...
- حدثينا عن هواياتك وهل لك مشاريع في الكتابة خارج مجال الإعلام؟
اعشق الموسيقى الشرقية والغربية، القراءة خاصة الرواية، الطبخ وفن الديكور والتزيين وأنا محبة للأسفار واهوي الاستكشاف والتعرف على الثقافات الأخرى فكلما أسافر لبلد ارتب زيارات للمتاحف والمعالم الأثرية المشهورة فيه، كما أنشط في المجال الإنساني فانا عضو بالنادي النسائي التابع للأمم المتحدة ونعمل على انجاز وتمويل مشاريع خيرية في العالم، وحاليا من أولوياتي تسيير المنظمة الحقوقية التي أرأسها وليست لي مشاريع للكتابة خارج مجال حقوق الإنسان فكل وقتي اقضيه في البحث ورصد وتوثيق الانتهاكات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط وجل كتاباتي هي عبارة عن تقارير وبيانات ورسائل رسمية موجهة لخبراء دوليين وهيئات أممية تعنى بمجال حقوق الإنسان.
- كيف تقضين أيامك الرمضانية؟
هذه السنة أجواء رمضان تختلف عن السنوات السابقة بسبب إجراءات الحظر، فليس هناك مجال للالتقاء بأصدقاء جزائريين وعرب وأجانب على مائدة الفطور كما جرت العادة. لكنني اغتنم فرصة مكوث جميع أفراد العائلة في البيت لصنع أجواء رمضانية جميلة من خلال إعداد أطباق وتحليات تقليدية إلى جانب مشاهدة برامج القنوات الجزائرية واقضي وقتي أيضا في تدريس أبنائي وانجاز بعض الأشغال اليدوية والنشاطات الترفيهية المنزلية.
هل ما زلت تتمسكين بالعادات الجزائرية خلال رمضان؟
أكيد، عندما نبتعد عن الوطن نصبح أكثر حرصا على التمسك بالعادات والتقاليد وتوريثها لأبنائنا فخزانتي وخزانة أولادي لا تخلو من الأزياء التقليدية التي نرتديها في مثل هذه المناسبات، وحتى أطباقي الرمضانية احرص على تقديمها في أواني فخارية تقليدية جلبتها معي من الجزائر.
- كيف تقضين السهرة؟
نحن نفطر في حدود الساعة التاسعة بتوقيتنا المحلي، وهذا يعني انه ما تبقى من توقيت السهرة قصير فاقضي السهرة في مشاهدة التلفزيون قليلا ثم الاهتمام بنشاطي في المنظمة ، أحيانا اكتب وأحيانا أترجم وأخرى انشر تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي لمواكبة المستجدات وتحقيق المزيد من الانتشار في العالم الافتراضي ومن ثمة التحسيس والتوعية بأهمية الاطلاع على الانتهاكات الحاصلة في عالمنا.
- ما هو طبقك المفضل ؟
أنا بطبعي شرهة ومحبة للطبخ وأتفنن في إعداد أطباق جزائرية وعالمية أيضا، لدي عدة أطباق مفضلة، الجاري آو الشربة البوراك الملوخية العنابية والشخشوخة والتليتلي إلى جانب بعض الإطباق الفرنسية والايطالية والباكستانية والأمريكية ومن أشهى الإطباق السويسرية التي اعشقها الراكليت والفوندي
- لو قلنا الجزائر في القلب ما هو شعورك تجاه هذه المقولة؟
مقولة تختصر أسمى المعاني والعبارات عن حبي لوطني العزيز، فانا لا أسكن بالجزائر لكنها تسكنني.
- كلمة أخيرة؟
أتمنى أن يسود الآمن والسلم في كافة ربوع العالم وان تتحد الشعوب لوضع حد لكافة الانتهاكات الصارخة في حق الإنسان ولصون كرامة الفرد.