غيّب الموت الشيخ «قدور الدرسوني»، الذي يعد قامة من قامات الموسيقى الأندلسية والمالوف القسنطيني، فنان سطع بريق نجمه لأكثر من 70 عاما في سماء الموسيقى الأندلسية، أطلق عليه لقب «معلم الأجيال»، كونه أحد الأعمدة المكونين في موسيقى المالوف، حرص خلال مسيرة فنية حافلة على المحافظة على هذا الفن العريق ونقله للأجيال القادمة.
يشهد له الكثير أنه مرجع هام لموسيقيي وفناني المدينة التي يحاكي كل جسر من جسورها نغما من أنغام نايه على مدى حياته.
ولد محمد أو قدور درسوني سنة 1927 بقسنطينة من أسرة فنية أنجبت عديد الموسيقيين. بدأ مسيرته الفنية الطويلة كمغني في جوق جمعية «محبي الفن» ثم في جمعية «الشباب الفني» إلى غاية توقيف نشاطاتها سنة 1939. كان تكوينه الموسيقي في البداية العزف على آلة الناي، وخالط الأوساط الطرقية، ثم الفنادق، ليظهر بعدها بالدربوكة وبالناي، قبل أن يلتحق بجوق خوجة بن جلول سنة 1947 حيث لازمه ولفت هناك انتباه الموسيقيين المحترفين. وبسبب ولعه بالموسيقى فقد تخلى عن حرفة التجارة التي كان يمارسها وتفرغ نهائيا للموسيقى، فكان يتردد على أوساط الموسيقيين المحترفين، أين اكتشف الزجل لدى الفنان معمر بن راشي، ثم عمل مع محمد العربي ين العمري، حيث أتم تكوينه. ظهر في عدة مناسبات ضمن أجواق مختلفة كعازف عود، على غرار فرقة محمد العربي بن العمري وفرقة ريمون ليريس.
رحل معلم الأجيال، عن عمر يناهز 93 سنة بعد معاناة طويلة مع مرض عضال، بعد مسيرة فنية كرس جلها في تعليم الموسيقى الكلاسيكية في المعهد البلدي للموسيقى قبل أن ينشئ في سنة 1995 جمعية تلاميذ المعهد البلدي لموسيقى المالوف بقسنطينة.
خلف الشيخ درسوني الذي يعد ناقلا للنوبة الأندلسية بامتياز، وراءه عددا من القصائد الموسيقى العربية الأندلسية ورافق خلال حياته الراحل محمد الطاهر فرقاني من خلال الإشراف على الأوركسترا الخاصة به خلال مئات التسجيلات.
ووري جثمان شيخ الراحل أول أمس، بمقبرة حي زواغي سليمان بقسنطينة بحضور أفراد أسرته وفنانين وكذا السلطات المحلية.