يصل جثمانه مطار هواري بومدين اليوم

عياش يحياوي يوارى الثرى بعين الخضراء غدا

نـــــورالديــــــن لعراجـــــي

يوارى الثرى  جثمان الإعلامي والشاعر عياش يحياوي غدا الجمعة بمقبرة سيدي أحمد بلقاسم بعين الخضراء ، ولاية المسيلة ، ويصل جثمانه اليوم الخميس على الساعة الواحدة بعد الزوال ،  من دولة الإمارات العربية المتحدة ، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة هناك ، بعد عملية جراحية لم يكلل لها النجاح ، كان  قد أجراها إثر انفجار شريان دموي فجأة تعرض له الفقيد ؛لينقل من طرف السلطات الإماراتية إلى احد المستشفيات الخاصة حيث كان الأجل قد ساقه إلى قدره المحتوم .

فور تلقيها خبر وفاته ،  نعته الساحة الثقافية ، الأدبية والإعلامية  في الجزائر و الوطن العربي ، معربة عن حزنها العميق وأسفها  لفقدان واحدا من أهم الأصوات الشعرية في الوطن العربي وإعلامي  خاض عدة تجارب في الصحافة المكتوبة والسمعية ، ولعل جريدة «الشعب «وعبر منبرها «منتدى الابداع « الذي كان يشرف عليه لفترة تجاوزت السبع سنوات ظل محطة هامة كشف من  خلاله  ، عن أهم الأسماء الأدبية في الجزائر ، والتي ذاع صيتها إبداعيا وهي اليوم من فواعل الحركة الأدبية والنقدية في الجامعة الجزائرية والوطن العربي .
خاض الفقيد تجربة الكتابة في الصحافة الخاصة مع الانفتاح الإعلامي في بداية التسعينات مشرفا على المكتب الجهوي لجريدة  الشروق بوهران  ، ثم شد الرحال نحو الإمارات وفي منبر صحفها  كتب الفقيد عياش أهم خطواته الأولى في تخصص البحث عن التراث الإماراتي القديم  ما مكنه من الحصول على جائزة  الشارقة ، كما قام بتأسيس جائزة شعرية من ماله الخاص بالتعاون مع جمعية الكلمة أطلق عليها اسم  « لقبش « تيمننا بأحد الألقاب التي كانت تطلق عليها أمه .
والكتاب عبارة عن سيرة ذاتية لطفل تربى يتيما بعد استشهاد والده ليجد نفسه بين أحضان أم تعبت من اجله وأخيه ؛وكانت تطلق عليه اسم لقبش  ، ولعل من أمنياته التي حرص على انجازها وهي المدرسة القرآنية التي بناها في مسقط رأسه « بعين الكلبة « ،  كما كان يطلق عليها سابقا وكان أمله تدشينها قبل شهر رمضان لهذا العام .
بالإضافة إلى متحف يجمع فيه اهم المخطوطات والوثائق التي بحوزته وعثر على بعضها بعد عمليات بحث خاضها طيلة مشواره الإعلامي  وكباحث في المسميات والأدوات القديمة غير المادية والتي لا تقدر قيمتها بمبلغ مالي .
يبكيه ويرثيه الأصدقاء والأدباء
فور نشر خبر موته ، وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صوره ، وتحول الفضاء الأزرق إلى جلسة نعي وتأبين ، مصحوبة  بلمسات من الحزن والفقد ؛حملتها كلمات المدونين فكتب الشاعر عبد الحميد شكيل نصا شعريا يرثي فيه الفقيد قائلا :
أمشي..
يتعبني سري
أهتف في الظل
للفرحة أن تتوارى في إزميل الشك..مغتبطا بأفق الغانيات،
وهن يتسللن إلى حدائق البوح،
منتصرات، أو منكسرات ، بهتف الجسد ،
معتنقا شكله الذي في ملاذ الجسدنة.
الغبطة، طريق الشك..
إلى فتح الغلق ، الذي في هتاف الوراقين..
خذ حزمة رجعكَ..
لا وِردَ في جرعة المشائين ..
إلى حبق اليقين..
ثمة أفق شاحب..
لا تراه فوهة النبرة..
فاتحة فمها الأحفوري..
على تيه الرواية..
في نص لا تدركه يقينيات السرد..
آن أفوله في معنى التخييل المشاكس..
في نص التوحيدي المناهض لِوِردِ السالكين ..
إلى حدس الأمثولة ،وهي تتسامى في دحض، مقولة:
لاتمش في الغرابة، ولا في شك المقول..
البنيوية، ليست المخول في صدر السؤال..
ولا المعول عليه في مسرىالغياب..
إنه الضد فاردا سربه في متاهة التيه ..
وانحناءات الغراب..
لا عليك ،في انفراط الشك..
أو في اعتبارات الكتاب..
أنت ، في شكك الفيزيقي..
لا تدرك ، خدعة النص ، في لُبس الخطاب..
توقف..
في أفق القصيدة..
الناقد ابراهيم صحرواي:
 صديق الدراسة  رحل للأبد
من جهته ابرق الدكتور الناقد ابراهيم صحرواي تغريدة كتب فيها على صفحته  :
قضينا معا -وجمع من الأصدقاء- موسما دراسيا جميلا، ممتعا وحافلا في السنة الدراسية 1977-1978 في المعهد التكنولوجي للأساتذة-بوزريعة (المدرسة العليا للأساتذة حاليا). كان هو بقسم تكوين أساتذة التعليم المتوسّط (لغة وأدب/عربي)، وانا بقسم تكوين أساتذة التعليم الثانوي قبل تحويلنا إلى الجامعة المركزية في السنة الموالية بعد إلغاء قسم تكوين أساتذة الثانوي لخلاف بين وزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي حينها. كنّا نتناقش في قضايا أدبية (شعرية) وفكرية عامّة وفي مجالات مختلفة، ثم كنّا نلتقي بعدها  بصورة شبه دورية هنا وهناك خصوصا في مقهى اللوتس صحبة الشاعر أبي إلياس رحمه الله - وآخرين، أو في نادي الطلبة عبد الرحمن طالب مُتحلّقين حول طاولاته في رصيف ششارع ديدوش قرب بوابة معهد اللغة العربية وآدابها، سابقا. كما كنت أزوره في النصف الثاني من الثمانينيات من حين لآخر في جريدة الشّعب في شارع طرابلس-حسين داي لمّا كان مُحرِّرا ثقافيا بها لأسلّمه مقالة للنشر، قبل انتقاله إلى وهران. ومن حينها أصبحنا نلتقي من حين لآخر لقاءات متباعدة في العاصمة..
مرثيـــة الشاعــر ا حســــــين عـــــــبروس :
همــــــــس مـــــــن عمــــــــق المــــــــوت...
حينما تتساقط أوراقنا كأوراق التوت.يلفنا غيم الغياب ، ويصادر أفراحنا الموت.فجأة تتعالى الأصوات مات العظيم ابن العظيم المنعم.وبالأمس كان في عرفهم المنسي الذي لا يعرفه أحد في أي زاوية من زواي القارات الخمس.بالأمس كانوا يقدحون في عرضه البلاغي و المعرفي والإنساني.هم الان يشدون الرحال على جلال صهوات الفضاء الأزرق كي يقولوا إننا نحبك ميّتا لا حيّا ، كأنه الخلود يبتغي القوم حين يردّدون أنه مات وكأنه في عرفهم لا يموت أبدا.إن هو فارق الرّفاق وتجاوز حدود النطاق. فينسبون
هو لم يودع أحدا من الرفاق ولم يصافح وجوه الأحبة والأهل والأصدقاء.هو وحده من يروي تفاصيله.هل تسمعها يا صديقي؟ لا أبدا لن يسمعه أحد وهو ينزل آخر ديار الدنيا. لكننا نستأنس بسماع ما تجلى من صوته ومن بقايا صوره.المرفوعة فوق المنصات. من خلال تلك الوسائط التواصلية التي لم تكن في حياة من رحلوا قبله ، يقول احدهم هذه آخر قصيدة كتبها وتلك آخر أغنية تركها.ويقول آخر هنا كان يجلس ومن هن أو من هناك مرّ ولم يلتفت ، هو حين رحل أبرق في صمته أنه لم يودع ولم يرجع، وهم يبكون ولا يعلم من سيبكي عليهم ومن سيرفع صورهم وينشرها على صفحات الوسائط والحوائط.
 ابراهيـــــــــــــم قـــــــــــــارة:
تحية بألوان العلم لروحك الزكية
كما عبر الاعلامي البرلماني السابق ابراهيم قارة علي عن حزنه لهذا الفقد عائدا الى منتصف الثمانينات وكيف كان أول لقاء مع الفقيد عن طريق البريد قبل اللقاء الحقيقي قائلا:
كان الشاعر الصحفي الأستاذ عياش يحياوي في منتصف الثمانينات يشرف على صفحة أدبية تصدر كل يوم سبت في جريدة الشعب وأنا يومها تلميذ في الثانوية سنة ثانية بالقسم الأدبي ، وكانت مناسبة ذكرى اندلاع الثورة التحريرية المباركة ، فراح ينشر إعلانا يدعو فيه الشعراء إلى كتابة قصائد شعرية تخلد عظمة الذكرى !.
مرت أكثر من خمس وثلاثين سنة وبقيت أحتفظ بها في ذاكرتي وفي علبة أرشيف أسراري الأدبية، وكنت في كل مرة أوشك أن أبوح بها للأستاذ عياش يحياوي ولكنني كنت كثير التردد، وها هو الموت يقطع هذا التردد..!
لقد استجبت للنداء وكتبت قصيدة بالمناسبة ، مثلما يفعل التلميذ في القسم حينما يطلب الأستاذ من التلاميذ كتابة مقالة تعبيرية أو إنشائية، فكانت القصيدة التي كتبتها مجرد محاولة شعرية لا تختلف عن تللك المواضيع الإنشائية التي تدخل ضمن الواجبات المنزلية، حيث كان الأساتذة من الإكمالية إلى الثانوية يطلبون مني أن أصعد إلى المصطبة لأقرأها على زملائي التلاميذ في حصة التعبير.
يا إلهي لقد كانت القصيدة تحمل عنوان تحية للعَلَم والوطن وتجرأت يا للغرور أنا التلميذ المغرور أن أرسلها إلى الأستاذ يحياوي المشرف على الصفحة الأدبية بالجريدة وبقيت أنتظر طيلة شهر حتى حلت الذكرى، وإذا بخربشتي الشعرية تتصدر الصفحة الأدبية، يا إلهي أمر لا يصدق أن ترسل محاولة شعرية ثم تنشر قصيدة في أكبر جريدة وطنية، بل ينشرها لك صحفي وشاعر من طراز عياش يحياوي وما أدراك ما عياش يحياوي!!..
لقد مرت على قصيدة تحية للعلم والوطن أكثر من خمس وثلاثين سنة وبقيت أحتفظ بها في ذاكرتي وفي علبة أرشيف أسراري الأدبية، وكنت في كل مرة أوشك أن أبوح بها للأستاذ عياش يحياوي ولكنني كنت كثير التردد، وها هو الموت يقطع هذا التردد، فهل يصلك هذا البوح يا عياش وأنت تتسجى بالعلم وتعود إلى الوطن لتغرس في تربته الزكية الطاهرة، لم تكن يا عياش سوى ذلك العلم ولم تكن يا عياش سوى ذلك الوطن، أيهذا العلم والوطن تحيتي لك تحية للعلم والوطن!!!  
 عمـــــــــــار  بـــــــــــن زايـــــــــــد  :
 هل حقا رحلت يا «عياش» ؟
كما كتب  الدكتور عمار  بن زايد  على صفحته  : هل حقا رحلت يا «عياش» ؟ كنت تقول لي: كم أتوق إلى اللقاء ! مشتاق إلى جلسات أيام زمان. لست وحدك يا «عياش» ..فأنا مثلك مشتاق. لا يمكن نسيان لقائنا كل صباح بمقهى الزاوية قبالة ساحة بلدية الحراش نرتشف القهوة ، ونتبادل قراءة الأشعار بحضور أستاذك علي عجراد .
كنت شابا يافعا حينها بثانوية عبان رمضان ، مقبلا على الحياة بشغف ،، وكان وميض الحلم بمستقبل زاهر يتلألأ في عينيك . وتخرجتَ واشتغلتَ .. ولما رأيت حلمك ينهار أمامك ، وكبرت خيبتك في بلد الخيبات هاجرت كما تهاجر الطيور بحثا عن فضاء يتسع لحلمك وشعرك ،، وكان لك ما أردت . ولما طاب العيش هاهو الموت يأتيك غيلة من نافذة القلب التي ظلت رغم البعد مشرعة على الوطن والأصدقاء والذكريات.نم قرير العين يا «عياش « فإن من أحبوك حيا لن ينسوك ميتا.مات الجسد ولكن آثارك في حرفك ونسلك وطلابك وأصدقائك باقية. «إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير .


آخـــــــر نـــــــص نشــــــــــره عيــــــــــاش
 على صفحته
خديجةُ قولي لأمّك إن الضيوف لدينا
إذا كان عندكُمُ فلفلٌ وطماطمُ أن تذكرونا
ويا خجلي...سوف أطلب بُنًّا وفاكهةً وصحونا
وفي آخر الليل بعضَ الغُرفْ
وأشياءَ من نزوات الترفْ
وأرجوك أن نتزوّج منكمْ
لنُنْجبَ بعض الصبايا وبعض الكراسي وبعض التّحفْ
أرى ما أرى...
لو رأى جبلٌ هولَ ما هالني انتحرا
إبلا تُحسِنُ الطعن في كبدي
وتخون هوادجَها والعُرى
وتزمّ ثقوبَ الفضيحةِ..والقلبُ نجمٌ وهمّي السُّرى
أرى...وأصفّق بالنوح مثل عجوز القرى
يجيْ غرابٌ
له مخلبٌ من إناث الطباع
جناحاه من زغبٍ حامضٍ بالظلام
ومنقاره صخرة خائنه
وفي أرذل العمر يأتي
أزوّجه قمرًا من كروم دمي
لقد كذّبتني السواحلُ رملُها وأراملها
وأرى..
أرى وردةً تتسلح بالشوك
أو وردةً تتعطّر بالشوق
كلتاهما من عشيرتنا
والتي عطّرتْ نهدها هربتْ بثياب الخديعة
واللص يتبعها قلِقًا من كلاب القرى وهسيس الخُطى
كنتُ أرقبُ ريق أنوثتها شاحبًا
وعلى ساقها يتسلّق جيشٌ بفيلقه
ويهرول بالخفقان الدجى
فوق قبري تنحنح شيءٌ
سمعتُ له طعنة
ورأيتُ لها صرختين
وحين شكوتُ إلى الحاكم العسكريِّ
توعّدَ أهلي وطالبني بالجنين
كأني الذي كنتُ فوق البلاد أفضّ بكارتها
وأوزّع جنّة عدْنٍ لمن يسمعون الأنين...
أكون أنا.. لو أكون
وطنًا داهمته رياح البحار
وأبناؤه يحرثون المراثي
ويحكون عن نملةٍ كذبتْ في النهار
أكون أنا .. لو أكون
غرابا أتى يتوضّأ من دم أهلي
وأهلي يشنّون حربا على كفر ضفدعةٍ آمنتْ بالتتار
أكون أنا..لو أكون
دمًا قرب أروقة البرلمان يُباع
وأهليَ مختلفون عنِ اسم رصاصة حزبٍ
ستقتلهم في «السفير» وتبعثهم في «المنار»
أكون أنا...لو أكون
ضباعًا تكدّد ثغرَ عجوزٍ من الجنّ
قامت تصلي إلى ربّها سَحَرًا
والذين أقاموا الولائم في جسمها نائمون
أكون أنا .. لو أكون
ترابًا سأحمله للقيامة
يشهد أن بلادي التي في الصدور
سواها بلادي التي في السطور
وأهليَ جاءتهُمُ عنزةٌ في الظلام
فكُلٌّ على كلِّهم غاضبون
من  اشعاره ———————
متى تأتي الجنازه ؟؟
هيّأتُ أرض القبر مرّات
وقد بليتْ على أغصاني الأكفان
مراتٍ
وملّتْ قريتي من حفلة التشييع
مراتٍ
ولم تأتِ الجنازه !!
يا أيهذا الساكن الرهبوت
لا مال فأجمعه
ولا حلم فأذرعه
بي شهوة للأرض أطعمها دمي
و أسمو بالغناء ، ....!
... لا وقت لي
قد آن أن افنى قليلا !!
سأنشر موتي على الطرقاتِ
وأعلن أن الجنازة عابرة
فقفوا ...!
سوف اطرق أبواب كل الشوارع
كل الشجر
أصيح بأن المسجى إلى قبره
لم يكن سيئا ...
كان يطلب توضيحه
و يغني لنافذة مسخته غريبا
و ألقت بعكازه للقدر
سأذبح ديكا وأنشره في الطريق
واجعل من غربتي حانة و دفوفا
وراقصة من ذرى حزنها تتدلى
ومن أضلعي تنهمر...!
 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024