ظاهرة «الهجرة « إلى الرواية سببها الطمع في الشهرة
لجم موهبته في كتابة الشعر والقصة لعقود من الزمن، متفرغا لمهنة التدريس الجميلة، يكتب القصة والمقالة والقصيدة والدراسة التاريخية، و يرى أن الإبداع لا يتشكل في سن دون أخرى أو في جنس دون الأخر، بل هو الهام واجتهاد في اللغة و غزارة المطالعة والكثير من التواضع أيضا. انه القاص والشاعر والأستاذ والمدير والمفتش عبد القادر صيد، وعضو في اتحاد الكتاب الجزائريين فرع بسكرة.
«الشعب»: كيف هو حال القصة في الجزائر اليوم؟
القاص عبد القادر صيد: القصة تعيش مأساة هجرة كتابها إلى الرواية طمعا في الشهرة وفي الجوائز المرصودة للرواية بسخاء وكذا عدم أخذها حقها لاعتبارات دانية منها اعتقاد أن كاتب القصة له نفس قصير عكس كاتب الرواية وأن العصر هو عصر الرواية مع أن المبدع والإنتاج الإبداعي هما من يقرران تدشين عصر من العصور الأدبية.
- وما هو وضع القصّة القصيرة جدا في المشهد الثقافي؟
هو فن نستطيع أن نقول إنه قيد التأسيس مع الكم الهائل المكتوب سواء ورقيا أو إلكترونيا، إلا أنه دخل أزمة مبكّرة، نظرا إلى عدد المقبلين عليه استسهالا له وبحجمه الصغير ولتوفير قنوات النشر وأيضا لعدم ظهور ملامحه. الكتابة فيه تختلف، بحسب ميول الكاتب فهناك من يميل بها نحو الشعر ويساعده في ذلك الأشقاء وهناك من يميل بها نحو اجتزاء قصة وهناك من يدرك انه فن قائم بذاته له حبكة وعقدة وجواز وخصائص فنية ما زالت طور التنظير، إذ توجد دراسات كثيرة للقصص القصيرة جدا سواء عربية أو عالمية أو وطنية.
- ما هي نظرتك للمشهد الثقافي الوطني ؟
انطلاقة الدخول الاجتماعي واجهها افتتاح ثقافي محتشم واعتقد أنه لا جديد يستحق الاهتمام ما عاد بعض القصص التي تكتب هنا وهناك ومن القضايا التي ليست من الدرجة الأولى والناشط الأكبر هم المواقع الالكترونية التي تنشر كل ما تتلقى وبزخم كبير لأن لا شيء يحجب دون مواجهتها أو يمنع القراء عنها، هذا دون التمييز بين الجميل والأجمل.
- ما محل الكتابات الشبابية من المشهد الثقافي؟
أظن أن اللفظ خاطئ فهناك كتابة جيدة سواء كان كاتبها شابا أو كهلا وهناك كتابة رديئة بغض النظر عن العمر. ونأخذ هذه العبارة تقريبا لتجاوز مرحلة معينة من الإبداع يمرّ عليها كل مبدع، لكن لا يجوز أن ترسم. وأعتقد أن الكثير منا ينشر في هذا الصدد، وهذا عبارة عن محاولات من الأجدر كتمانها وإخفاءها إذا كانت النية صادقة في التحسن. أخيار الأدباء يستحون من عرض محاولاتهم الأولى لاحتوائها على هينات ونقائص تطعن في براعتهم.
- ماذا تقدم المسابقات للموهبة، هل هي حقا تحفيز على التألق؟
على الرغم من الجانب التحفيزي، إلا أن بعضها ينقصها النزاهة وعلى الرغم أيضا من سلبياتها إلى أنها تقدم متنفسا إلى الأديب الذي يطمح في مرتبة مرموقة وطنيا وعربيا ويمكنه من الانتشار والظهور بالتفوق والاحترافية وهو من حقه لأن العمل الإبداعي هو إنتاج وكدح خاصة في القصة والرواية.
الرواية كدح وعمل يحتاج إلى تعبئة وتدقيق ومراجعة.
- كيف تصنف العلاقة بين الإعلام والإبداع؟
الإعلام هو من عليه أن يبحث عن المبدع ويقدمه للناس وأن يلتزم بالمعايير الصحيحة حتى لا يقدم إبداعا مزيفا أو يغلط القارئ و أن يشجع المبتدئين و يوّجههم ويجمع بين الأجيال في حوارات وندوات لتبادل الخبرات وأن يبتعد عن الأحكام القاسية التي قد تجهض مبدعين جدد على طريق الكتابة.
- هل تخدم المهرجانات المبدع، وماذا تقدم كإضافة للمشهد الثقافي؟
المهرجانات يطغى عليها الجانب البروتوكولي الانتقائي، بحسب الموالاة والمحاباة والجانب المادي، وكذا ولادة مهرجانات ميّتة لا تصرف عن نتائج ولا طبع فعالياتها، كما نعيب على بعض المهرجانات لعبة الجانب الجهوي وحرمان بقية الوطن، ولا سيما مبدعي الجنوب وعدم توفير الظروف كي يسجل مبالغات في الفواتير التي لا توجه إلى المبدع ذاته. كما يمكن الإشارة إلى أن المبدع كره من التمرينات الرمزية والسندات.
- متى بدأت معك مغامرة الكتابة والإصدار؟
بدأت الإبداع سرا منذ 5 أو ست سنوات، وأول ما ألّفت كتاب عن «الشيخ أحمد سحنون الأديب المصلح « في حوالي 300صفحة، أخد مني سنتين من الجهد وهو دراسة أدبية وتاريخية وبالموازاة كنت أكتب الشعر. لي أيضا ديوان شعر وهو ما زال في شكل مخطوط، يجمع بين الشعر العمودي والتفعيلة، وهو مشروع إصدار. وبعد الشعر كتبت القصة دون دراسة قواعدها، هو إلهام وعبارة عن انفجار التراكمية المعرفية والذوقية. كنت أكتب الشعر وقلت في قرارة نفسي إنه من المستحيل أن أكتب سطرين نثر ولم أجد الجرأة في نفسي إلى أن جاءتني صدفة الإبداع التي خططت فيها مجموعتي القصصية الأولى «بعض الصمت نزيف».
- ما هو جديد القاص عبد القادر صيد؟
جديدي الحالي مجموعة قصصية قصيرة جدا تحت عنوان: « وتجرح المرآة جيبي»، وهي مجموعة من الجيل الثاني والتجربة الأولى كانت في كتاب «مطر يحترق» لست راضيا عنها بالحد الكافي وقد كانت بمثابة مجازفة لي حيث لم أكتب منذ 4 سنوات.
أنشر كل إبداعاتي على الأنترنت في صفحتي على الفضاء الأزرق أو في بعض المواقع الأدبية مثل موقع «أصوات الشمال»، وهي مدوّنة أحمد مسيون وهناك من تنشر في بعض المواقع الورقية بجريدة «صوت الأحرار» و» المساء» و «الشعب».
- ما هي المواضيع التي تناولتها مجموعتك القصصية الجديدة ؟
هي قصص سردية واقعية، أسلوب يمزج بين الرمزية والرومانسية في باكورة أعمالي، بعدما أصبحت أميل إلى التقنية في السرد والتحكم في الحوار والسيطرة على الفكرة بعد انزعاج غشاوة الدفعة الأولى من الإبداع التي تتركك تعيش الحالة دون التحقيق في تقنياتها وخبرتها.